للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الرابع: تحريم الصدقة عليهم]

ومن هذه الحقوق: تحريم الزكاة والصدقة عليهم؛ وذلك لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما تحريم الصدقة فحرمها عليه وعلى أهل بيته تكميلاً لتطهيرهم، ودفعاً للتهمة عنه؛ كما لم يورث، فلا يأخذ ورثته درهماً ولا ديناراً) (٢).

هذه هي أهم الحقوق التي أوجبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لآل بيت النبي عليهم السلام، اقتصرنا فيها على ما اشتهر نصه وذاع أمره؛ خشية الإطالة وحرصاً على الاختصار؛ فالواجب على كل مسلم مراعاتها ومعرفتها، واتباع ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم تجاهها، فضلاً عن محبتهم وتوقيرهم. آل البيت عليه السلام وحقوقهم الشرعية – صالح بن عبد الله الدرويش – ص: ٣٨

المطلب الخامس: شروط استحقاق آل البيت حقوقهم

يظهر من خلال معتقد أهل السنة والجماعة أنهم يشترطون لموالاة قرابة النبي صلى الله عليه وسلم شرطين، لابد من تحققهما لتكون الموالاة لهم، وإلا فإنهم لا يجدون ذلك الاحترام وتلك المكانة؛ فإن فيهم المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والسني والرافضي وغير ذلك.

الشرط الأول: أن يكونوا مؤمنين مستقيمين على الملة.

فإن كانوا كفاراً فلا حق لهم في الحب والتعظيم والإكرام والولاية، ولو كانوا من أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم كعمه أبي لهب.

يقول الشيخ العلامة العثيمين –رحمه الله تعالى- في تقرير هذا الشرط: (فنحن نحبهم لقرابتهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولإيمانهم بالله، فإن كفروا فإننا لا نحبهم ولو كانوا أقارب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فأبوا لهب عم الرسول عليه الصلاة والسلام لا يجوز أن نحبه بأي حال من الأحوال، بل يجب أن نكرهه لكفره، ولإيذائه النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك أبو طالب؛ فيجب علينا أن نكرهه لكفره ولكن نحب أفعاله التي أسداها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام من الحماية والذب عنه) (٣).

الشرط الثاني: أن يكونوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة.

فإن فارقوا السنة، وتركوا الجادة، وخالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتلبسوا بالبدع والمحدثات؛ فإنه ليس لهم حق في الحب والتعظيم والإكرام والولاية، حتى يرجعوا إلى السنة، ويتمسكوا بها. والواجب في هذه الحالة دعوتهم إلى العودة إلى الكتاب والسنة، ونبذ ما سواهما من الأهواء والبدع، وأن يكونوا على ما كان عليه سلفهم، كعلي رضي الله عنه وسائر بنيه، والعباس رضي الله عنه وأولاده.

يقول العلامة صديق حسن خان في تقرير هذا الشرط في معرض التعليق على حديث: ((تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي)) (٤).

(المراد بهم من هو على طريقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسمته ودله وهديه، ولا يستقيم المقارنة بكتاب الله إلا إذا كانوا موافقين له عاملين به. فمعيار الأخذ بالعترة اتفاقهم بالقرآن في كل نقير وقطمير ... ).


(١) رواه مسلم (١٠٧٢). من حديث عبدالمطلب بن ربيعة رضي الله عنه.
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (١٩/ ٣٠).
(٣) ((شرح العقيدة الواسطية)) (٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٤) رواه الترمذي (٣٧٨٦)، والطبراني (٣/ ٦٦) (٢٦٨٠). من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٧/ ١٥٩)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

<<  <  ج: ص:  >  >>