للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثلاث وثلاثون: الآثار الإيمانية لاسم الله السلام]

١) الله سبحانه وتعالى هو (السلام) أي السالم من كل نقص وآفة وعيب، فمعناه قريب من القدوس.

وقيل إن القدوس: إشارة إلى براءته عن جميع العيوب في الماضي والحاضر، والسلام: إشارة إلى أنه لا يطرأ عليه شيء من العيوب في الزمان المستقبل، فإن الذي يطرأ عليه شيء من العيوب تزول سلامته ولا يبقى سليماً (١).

٢) الله سبحانه هو المسلم على عباده وأوليائه في الجنة، قال تعالى خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ [إبراهيم: ٢٣].

وقال سبحانه: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا [الأحزاب: ٤٤]. وقال سَلامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ [يس: ٥٨].

فالله تعالى يحيي عباده في الجنة بالسلام عليهم، والجنة هي دار السلام من الموت والمرض وسائر الآفات. قال تعالى: لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ [الأنعام: ١٢٧] وقال وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ [يونس: ٢٥].

٣) والله تعالى هو المسلم على أنبيائه ورسله، لإيمانهم وإحسانهم وطاعتهم له وتحملهم في سبيله أعظم الشدائد، فيؤمنهم في الآخرة فلا يخافون ولا يفزعون.

وقيل: سلم الله تعالى عليهم ليقتدي بذلك البشر فلا يذكرهم أحد بسوء (٢).

قال تعالى سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ [الصافات: ٧٩].

وقال سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الصافات: ١٠٩].

وقال سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [الصافات: ١٢٠]

وقال تعالى سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ [الصافات: ١٣٠].

وقال وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ [الصافات: ١٨١].

وقال سبحانه قُلِ الحَمْدُ للهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى [النمل: ٥٩].

قال الخطابي: أخبرني أحمد بن إبراهيم بن مالك حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري عن صدقة بن الفضل قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: أوحش ما تكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيرى نفسه خارجاً مما كان، ويوم يموت فيرى قوماً لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر عظيم. قال: فأكرم الله فيها يحيى فخصه بالسلام فقال وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا [مريم: ١٥]، كأنه أشار إلى أن الله جل وعز سلم يحيى من شر هذه المواطن الثلاثة وأمنه من خوفها.

وكذا عباده المؤمنين فإن الملائكة تسلم عليهم عند قبض أرواحهم وتطمئنهم وتؤمنهم. قال تعالى الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل: ٣٢]. فالملائكة تبشرهم بالفوز بالجنة والنجاة من عقاب الله والنار.

٤) الأمر بإفشاء الاسم وأنه سبب في دخول الجنة:

...


(١) انظر: ((التفسير الكبير)) للرازي (٢٩/ ٢٩٣).
(٢) ((تفسير البحر المحيط)) لأبي حيان (٧/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>