للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإفشاء السلام من شعائر الإسلام العظيمة التي يتهاون فيها كثير من المسلمين وهي من أوائل ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة، فعن عبد الله بن سلام قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واستثبته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب. قال: وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: ((أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)) (١).

٥) لا يقال السلام على الله:

جاء ذلك في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: السلام على الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو السلام ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)) (٢).

قال البيضاوي ما حاصله: أنه صلى الله عليه وسلم أنكر التسليم على الله وبين أن ذلك عكس ما يجب أن يقال، فإن كل سلام ورحمة له ومنه وهو مالكها ومعطيها (٣).

وقال الخطابي: المراد أن الله هو ذو السلام فلا تقولوا السلام على الله فإن السلام منه بدأ وإليه يعود (٤).

ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يقولوا: التحيات لله. قال ابن حجر: جمع تحية ومعناها السلام. وقيل: البقاء. وقيل: العظمة. وقيل: السلامة من الآفات والنقض. وقيل: الملك.

وقال ابن قتيبة: لم يكن يحيا إلا الملك خاصة، وكان لكل ملك تحية تخصه فلهذا جمعت، فكان المعنى التحيات التي كانوا يسلمون بها على الملوك كلها مستحقة لله.

وقال المحب الطبري: يحتمل أن يكون لفظ التحية مشتركاً بين المعاني المقدم ذكرها، وكونها بمعنى السلام أنسب هنا (٥).

وجاء في حديث أنس قال: قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم إن الله يقرئ خديجة السلام، يعني فأخبرها. فقالت: ((إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته)) (٦).

قال العلماء: في هذه القصة دليل على وفور فقهها لأنها لم تقل (وعليه السلام) كما وقع لبعض الصحابة حيث كانوا يقولون في التشهد (السلام على الله) فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت خديجة رضي الله عنها لصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين لأن السلام اسم من أسماء الله تعالى. النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود - بتصرف– ص: ١٠٥


(١) رواه الترمذي (٢٤٨٥)، وابن ماجه (١٣٣٤)، وأحمد (٥/ ٤٥١) (٢٣٨٣٥)، والدارمي (١/ ٤٠٥) (١٤٦٠)، والحاكم (٣/ ١٤). من حديث عبدالله بن سلام رضي الله عنه. قال الترمذي: صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال البغوي في ((شرح السنة)) (٢/ ٤٦٣): حسن صحيح.
(٢) رواه البخاري (٨٣١)، ومسلم (٤٠٢).
(٣) ((الفتح)) (٢/ ٣١٢).
(٤) ((الفتح)) (٢/ ٣١٢).
(٥) ((الفتح)) (٢/ ٣١٢)، وانظر كذلك ((النهاية لابن الأثير)) (١/ ١٨٣).
(٦) رواه النسائي في ((السنن الكبرى)) (٥/ ٩٤)، والضياء (٢/ ٢٦٦). وقال: له شاهد، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>