للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القاعدة السابعة: السكوت عما سكت الله عنه ورسوله]

كل مسألة من مسائل الشريعة – ولاسيما مسائل الاعتقاد – لا يحكم فيها، نفياً أو إثباتاً إلا بدليل، فما ورد الدليل بإثباته أثبتناه، وما ورد بنفيه نفيناه، وما لم يرد بإثباته ولا بنفيه دليل توقفنا، ولم نحكم فيه بشيء؛ لا إثباتاً ولا نفياً، ولا يعني هذا أن المسألة خلية عن الدليل، بل قد يكون عليها دليل، لكن لا نعلمه، فالواجب علينا التوقف: إما مطلقاً أو لحين وجدان الدليل:

قال تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء: ٣٦] قال قتادة: (لا تقل رأيت ولم تر، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم، فإن الله سائلك عن ذلك كله) (١).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها)) (٢).

قال ابن تيمية: (الأقسام ثلاثة: ما علم ثبوته أثبت، وما علم انتفاؤه نفي، وما لم يعلم نفيه ولا إثباته سكت عنه، هذا هو الواجب، والسكوت عن الشيء غير الجزم بنفيه أو ثبوته) (٣).


(١) ((تفسير ابن كثير)) (٥/ ٧٢) (طبعة الشعب).
(٢) رواه الدارقطني (٤/ ١٨٣) (٤٢)، والطبراني (٢٢/ ٢٢١)، والحاكم (٤/ ١٢٩)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (١٠/ ١٢). من حديث أبي ثعلبة الخشني. قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) ١/ ٤١٧: رواه الطبراني في ((الكبير)) وهو هكذا في هذه الرواية وكأن بعض الرواة ظن أن هذا معنى وسكت فرواها كذلك والله أعلم، ورجاله رجال الصحيح. وذكره ابن كثير في تفسيره (١/ ٢٧٨) وصححه. وقال الألباني في ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص٣٣٨): حسن لغيره.
(٣) ((مجموعة تفسير ابن تيمية)) (ص: ٣٥١، ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>