للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمهيد: في أقسام الشرك الأصغر إجمالاً

تنوعت الأقوال في بيان أنواع الشرك الأصغر.

فمنهم من قال: (هو نوعان: ظاهر، وخفي

فالظاهر: يكون بعمل رياء، كالتصنع لغير الله بعمل في ظاهره أنه لله، وفي باطنه عدم الإخلاص لله به، ويكون باللفظ كالحلف بغير الله ...

والخفي: ما ينتابه الإنسان في أقواله وأعماله في بعض الفترات من غير أن يعلم أنه شرك) (١).

ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ((الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا)) (٢).

ولكن هذا القول فيه نظر، فإن ما ينتابه الإنسان من أقواله أو أعماله في بعض الفترات من غير أن يعلم أنه شرك ليس بشرك أصغر فقط، بل قد يدخل في الشرك الأكبر أيضاً.

ومنهم من قال: إنه على نوعين:

أ- الشرك في النيات والمقاصد؛ ويدخل فيه:

١ - الرياء.

٢ - إرادة الإنسان بعمله الدنيا.

ب- الشرك في الألفاظ؛ ويدخل فيه:

١ - الحلف بغير الله.

٢ - قول القائل: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، ونحوهما.

٣ - إسناد بعض الحوادث إلى غير الله عز وجل, واعتقاد تأثيره فيها، مثل أن يقول: لولا وجود فلان لحصل كذا، ولولا الكلب لدخل اللص.

٤ - قول بعضهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، إن كان جرى على لسانه من غير قصد (٣).

ولعل من أحسن ما يقال في بيان أنواع الشرك الأصغر ما يلي:

إن له أنواعاً كثيرة، ويمكن حصرها بما يأتي:

أولاً: قولي: وهو ما كان باللسان، ويدخل فيه ما يأتي:

١ - الحلف بغير الله، على تفصيل في ذلك.

٢ - قول: (ما شاء الله وشئت)، أو: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، ومالي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، أو يقول: والله وحياة فلان، أو يقول: نذر لله ولفلان، أو أنا تائب لله ولفلان، أو أرجو الله وفلاناً ونحو ذلك (٤).

ولعل الضابط في هذا أن يكون الشيء مما يختص بالله جل وعلا، فيعطف عليه غيره سبحانه لا على سبيل المشاركة وإنما بمجرد التسوية في اللفظ، وأما إن كان يعتقد المشاركة فهذا يدخل تحت الشرك الأكبر.

٣ - وقوله: (قاضي القضاة).

٤ - وهكذا: التعبيد لغير الله، كعبد النبي وعبد الرسول (إذا لم يقصد به حقيقة العبودية).

٥ - وإسناد بعض الحوادث إلى غير الله عز وجل، مثل أن يقول: لولا وجود فلان لحصل كذا، ولولا الكلب لدخل اللص، وقول الرجل: لولا الله وفلان، ولولا تجعل فيها فلاناً، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص ... ، وأعوذ بالله وبك.

٦ - قول بعضهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، (على طريق غير الحقيقة).

ولعل الضابط في هذا: (الاعتماد على سبب لم يجعله الشرع سبباً) (٥).

ثانيا: فعلي: وهو ما كان بأعمال الجوارح، ويدخل فيه ما يلي:

١ - التطير، (إذا لم يعتقد القدرة في المتطير به).

٢ - إتيان الكهان وتصديقهم، (إذا لم يعتقد وجود علم الغيب لديهم).

٣ - والاستعانة على كشف السارق ونحوه بالعرافين، (إذا لم يصاحبه اعتقاد علمهم الغيب).

٤ - تصديق المنجمين والرمالين وغيرهم من المشعوذين، (إذا لم يصاحبه اعتقاد علمهم الغيب).


(١) حسن العواجي: ((شرح نواقض التوحيد)) (ص: ٢٤، ٢٥).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٣٦٩)، وابن أبي حاتم (١/ ٦٢)، والحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) (٤/ ١٤٧). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٣٧٣٠).
(٣) عواد بن عبد الله المعتق: ((مجلة البحوث الإسلامية)) عدد ٣٧ (ص: ٢٠٧ - ٢٤٣) باختصار.
(٤) انظر ما ذكره ابن القيم: ((الجواب الكافي)) (ص: ٣٢٤).
(٥) انظر ما قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في ((القول المفيد على كتاب التوحيد)) (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>