للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المثال الثاني: التمائم الشركية]

التمائم في اللغة: جمع تميمة، وهي في الأصل خرزة كانت تعلق على الأطفال، يتقون بها من العين ونحوها (١)، وكأن العرب سموها بهذا الاسم لأنهم يريدون أنها تمام الدواء والشفاء المطلوب.

وفي الاصطلاح: هي كل ما يعلق على المرضى أو الأطفال أو البهائم أو غيرها من تعاويذ لدفع البلاء أو رفعه (٢).

ومن أنواع التمائم: الحجب والرقى التي يكتبها بعض المشعوذين ويكتبون فيها طلاسيم وكتابات لا يفهم معناها، وغالبها شرك، واستغاثات بالشياطين، وتعلق على الأطفال أو على البهائم، أو على بعض السلع أو أبواب البيوت يزعمون أنها سبب لدفع العين أو أنها سبب لشفاء المرضى من بني الإنسان أو من الحيوان، ومنها: الخلاخيل التي يجعلها بعض الجهال على أولادهم يعتقدون أنها سبب لحفظهم من الموت، ومنها: لبس حلقة الفضة للبركة أو للبواسير، ولبس خواتم لها فصوص معينة يعتقدون أنها تحفظ من الجن، ولبس أو تعليق خيوط عقد فيها شخص له اسم معين كـ (محمد) عقداً للعلاج من بعض الأمراض (٣)، ومنها الحروز وجلود الحيوانات والخيوط وغيرها مما يعلق على الأطفال أو على أبواب البيوت ونحو ذلك، والتي يزعمون أنها تدفع العين أو المرض أو الجن أو أنها سبب للشفاء من الأمراض، وهذه كلها محرمة، وهي من الشرك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك) ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((من علق تميمة فقد أشرك))، فهي من الشرك، لأنهم ظنوا أن لغير الله تأثيرا في الشفاء، وطلبوا دفع الأذى من غيره تعالى مع أنه لا يدفعه أحد سواه جل وعلا (٤)، لكن إن اعتقد متخذها أنها تنفع بذاتها من دون الله فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أن الله هو النافع وحده، لكن تعلق قلبه بها في دفع الضر، فهو شرك أصغر، لاعتماده على الأسباب، ولأنه جعل ما ليس بسبب سبباً (٥)، فهذه التمائم السابق ذكرها كلها ليس فيها نفع بوجه من الوجوه، وهي من خرافات الجاهلية التي ينشرها السحرة والمشعوذون، ويدجلون بها على السذج والجهلة من الناس.

ويدخل في التمائم أن تكتب آيات من القرآن أو بعض الأذكار الشرعية (الرقى) في ورقة ثم توضع في جلد أو غيره ثم تعلق على الأطفال أو على بعض المرضى، وقد اختلف في جواز تعليقها، ولعل الأحوط المنع من هذه التمائم، لعدة أمور، أهمها:

١ - أن الأحاديث جاءت عامة في النهي عن التمائم، ولم يأت حديث واحد في استثناء شيء منها.

٢ - أن تعليق التمائم من القرآن والأدعية والأذكار المشروعة نوع من الاستعاذة والدعاء، فهي على هذا عبادة، وهي بهذه الصفة لم ترد في القرآن ولا في السنة، والأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز إحداث عبادة لا دليل عليها.


(١) انظر: ((تأويل مختلف الحديث)) (ص: ٢٢٦)، و ((الصحاح))، و ((النهاية))، و ((القاموس))، و ((لسان العرب)) (مادة: تمم).
(٢) ((التمهيد)) (١٧/ ١٦٢)، ((سنن البيهقي: الضحايا)) (٩/ ٣٥٠)، ((تفسير القرطبي)) تفسير الآية ٨٢ من الإسراء (١٠/ ٣٢٠)، ((النهاية)) لابن الأثير (مادة: تمم)، ((شرح السنة)) (١٢/ ١٥٨)، ((القوانين الفقهية كتاب الجامع)) (ص: ٢٩٥).
(٣) ينظر ((تعليق الشيخ محمد حامد الفقي المصري –رحمه الله – على فتح المجيد)) باب من الشرك لبس الحلقة (ص: ١١٤، ١١٨).
(٤) ((النهاية)) لابن الأثير (مادة: تمم)، ((حاشية ابن عابدين)): أول البيع (٥/ ٢٣٢).
(٥) ينظر: ((التيسير))، و ((قرة عيون الموحدين))، و ((القول السديد))، و ((القول المفيد باب من الشرب لبس الحلقة))، و ((تعليق شيخنا عبد العزيز بن باز على فتح المجيد باب الرقى)) (ص: ١٢) و ((مجموع فتاويه ومقالاته)) (١/ ٢٧٥)، و ((الشرك الأصغر)) (ص: ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>