للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: الإكثار من ذكر الموت]

ذكر العبد الموت وجعله على باله وهو المفضي به إلى أعماله وإلى الحسن والقبيح من أقواله وأفعاله وإلى الجزاء الأوفى من الحكم العدل في شرعه وقدره وقضائه ووعده ووعيده فلا يعاقب أحداً بذنب غيره ولا يهضمه ذرة من حسن أعماله. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الترمذي والنسائي وابن حبان وصححه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا من ذكر هادم اللَّذات)) الموت (١). وقال البخاري رحمه الله تعالى: في كتاب الرقاق من (صحيحه): باب قول النبي صلى الله عليه وسلم (كُنْ في الدنيا كأَنَّك غريب أو عابر سبيل) ... عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أَخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: ((كُنْ في الدنيا كأنَّك غريب أو عابرُ سبيل)) وكان ابنُ عمر رضي الله عنهما يقول: ((إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساءَ. وخُذْ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتِك)) (٢) ثم قال: باب في الأمل وطوله وقول الله تعالى: فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:١٨٥] بمزحزحه بمباعده. وقال تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر:٣]، وقال علي رضي الله عنه: (ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون. فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل) (٣). عن ربيع بن خُثيم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: خَطَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خطّاً مربعاً وخط خطّاً في الوسط خارجاً منه وخطّ خططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط وقال: ((هذا الإنسان، وهذا أجله محيطٌ به أو قد أحاط به. وهذا الذي هو خارجٌ أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض فإن أخطأهُ هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا)) (٤)، ... عن أنس رضي الله عنه قال: خَطَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خطوطاً فقال: ((هذا الأملُ، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاءَهُ الخط الأقرب)) (٥) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - بتصرف – ٢/ ٨٦٥


(١) رواه الترمذي (٢٣٠٧)، والنسائي (٤/ ٤)، وابن ماجه (٤٢٥٨)، وأحمد (٢/ ٢٩٢) (٧٩١٢)، وابن حبان (٧/ ٢٥٩)، والحاكم (٤/ ٣٥٧). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال النووي في ((المجموع)) (٥/ ١٠٥): إسناده صحيح كلها على شرط البخاري ومسلم. وقال الحافظ في ((بلوغ المرام)) (ص١٥٠): صححه ابن حبان. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): حسن صحيح.
(٢) رواه البخاري (٦٤١٦).
(٣) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (٦٤١٧) , ورواه موصولاً ابن أبي شيبة (٧/ ١٠٠)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (١/ ٧٦)، وابن أبي الدنيا - مرفوعاً - في ((قصر الأمل)) (٢). قال أبو نعيم: رواه الثوري وجماعة عن زبيد مثله عن علي مرسلاً، ثم قال: أفادني هذا الحديث الدارقطني عن شيخي لم أكتبه إلا من هذا الوجه. وقال ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٥/ ٢٣): وصله ابن أبي الدنيا. وقال في ((تغليق التعليق)) (٥/ ١٥٨ - ١٦٠): ووقع لنا من وجه آخر ... فيه ضعف وانقطاع، والصواب الموقوف.
(٤) رواه البخاري (٦٤١٧).
(٥) رواه البخاري (٦٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>