للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأصل الحادي عشر: جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب]

قال شيخ الإسلام: (والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه، كقوله تعالى: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور: ٤٧ – ٥١].

فنفى الإيمان عمن تولى عن طاعة الرسول، وأخبر أن المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم سمعوا وأطاعوا، فبين أن هذا من لوازم الإيمان) (١).

وقال - رحمه الله -: (لكنهم – أي مرجئة الفقهاء – إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهم قول جهم، وإن أدخلوها في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضاً، فإنها لازمة لها) (٢).

وقال -رحمه الله -: (وأيضاً فإخراجهم – أي مرجئة الفقهاء – العمل يشعر أنهم أخرجوا أعمال القلوب أيضاً، وهذا باطل قطعاً، فإن من صدق الرسول وأبغضه وعاداه بقلبه وبدنه فهو كافر قطعاً بالضرورة، وإن أدخلوا أعمال القلوب في الإيمان أخطأوا أيضاً؛ لامتناع قيام الإيمان بالقلب من غير حركة بدن.

وليس المقصود هنا ذكر عمل معين، بل من كان مؤمناً بالله ورسوله بقلبه هل يتصور إذا رأى الرسول وأعداءه يقاتلونه، وهو قادر على أن ينظر إليهم ويخص على نصر الرسول بما لا يضره، هل يمكن مثل هذا في العادة إلا أن يكون منه حركة ما إلى نصر الرسول؟! فمن المعلوم أن هذا ممتنع؛ فلهذا كان الجهاد المتعين بحسب الإمكان من الإيمان، وكان عدمه دليلاً على انتفاء حقيقة الإيمان ... ) (٣).

وقال - أيضاً -: (والمرجئة أخرجوا العمل الظاهر عن الإيمان، فمن قصد منهم إخراج أعمال القلوب أيضاً وجعلها هي التصديق، فهذا ضلال بين، ومن قصد إخراج العمل الظاهر، قيل لهم: العمل الظاهر لازم للعمل الباطن لا ينفك عنه، وانتفاء الظاهر دليل انتفاء الباطن) (٤).

وقال - رحمه الله -: ( ... وقد تقدم أن الإيمان الباطن يستلزم الإقرار الظاهر بل وغيره) (٥).

وقال - عندما تحدث عن أغلاط المرجئة -: (ظن الظان أن ما في القلب من الإيمان المقبول يمكن تخلف القول الظاهر والعمل الظاهر عنه) (٦).

وقال: ( ... فالعمل يصدق أن في القلب إيماناً، وإذا لم يكن عمل كذب أن في قلبه إيماناً؛ لأن ما في القلب مستلزم للعمل الظاهر، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم) (٧). براءة أهل الحديث والسنة من بدعة المرجئة لمحمد بن سعيد الكثيري – ص: ١٢٩


(١) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٢٢١).
(٢) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ١٩٤).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٥٥٦).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٥٥٤).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٦٠٩).
(٦) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٥٥٤).
(٧) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٧/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>