للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٣) وروى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى أبي سهلة مولى عثمان عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ادعوا لي أو ليت عندي رجلاً من أصحابي قالت: ليت أبو بكر؟ قال: لا قلت: عمر قال: لا قلت: فعثمان قال: نعم قالت: فجاء عثمان فقال: قومي قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلى عثمان ولون عثمان يتغير قال: فلما كان يوم الدار قلنا: ألا تقاتل قال: لا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى أمراً فأنا صابر نفسي عليه)) (١).

فهذا الحديث والذي قبله فيهما دلالة على صحة خلافته، فمن أنكر خلافته ولم يره من أهل الجنة والشهداء وأساء الأدب فيه باللسان، أو الجنان فهو خارج عن دائرة الإيمان وحيز الإسلام (٢).

ولقد عمل رضي الله عنه وأرضاه بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم طبقاً لما أوصاه به ولذلك ما عزل نفسه حين حاصروه يوم الدار.

(١٤) وروى ابن سعد بإسناده إلى عبد الله بن عمر قال: ((قال لي عثمان وهو محصور في الدار: ما ترى فيما أشار به علي المغيرة بن الأخنس؟ قال قلت: ما أشار به عليك؟ قال: إن هؤلاء القوم يريدون خلعي فإن خلعت تركوني وإن لم أخلع قتلوني قال قلت: أرأيت إن خلعت تترك مخلداً في الدنيا؟ قال: لا، قال: فهل يملكون الجنة والنار؟ قال: لا قال: فقلت: أرأيت إن لم تخلع هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا قلت: فلا أرى أن تسن هذه السنة في الإسلام كلما سخط قوم على أميرهم خلعوه، لا تخلع قميصاً قَمَّصَكَهُ الله)) (٣).

(١٥) ومما دل على صحة خلافته وإمامته ما رواه البخاري بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم تترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم)) (٤).

وفي هذا إشارة إلى أن الله –تعالى- ألهمهم وألقى في روعهم ما كان صانعه بعد نبيه صلى الله عليه وسلم من أمر ترتيب الخلافة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (فهذا إخبار عما كان عليه الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من تفضيل أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان وقد روي أن ذلك كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره، وحينئذ فيكون هذا التفضيل ثابتاً بالنص وإلا فيكون ثابتاً بما ظهر بين المهاجرين والأنصار على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من غير نكير، وبما ظهر لما توفي عمر فإنهم كلهم بايعوا عثمان بن عفان من غير رغبة ولا رهبة ولم ينكر هذه الولاية منكر منهم) (٥).

وكل ما تقدم ذكره من النصوص في هذا المبحث أدلة قوية كلها فيها الإشارة والتنبيه إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأرضاه وأنه لا مرية في ذلك ولا نزاع عند المتمسكين بالكتاب والسنة والذين هم أسعد الناس بالعمل بهما وهم أهل السنة والجماعة فيجب على كل مسلم أن يعتقد حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأن يسلم تسليماً كاملاً للنصوص المشيرة إلى ذلك. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – لناصر بن علي عائض –٢/ ٦٥٦


(١) رواه الحاكم (٣/ ١٠٦). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. والحديث رواه ابن ماجه (٩١)، وأحمد (٦/ ٥١) (٢٤٢٥٨). قال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (١/ ١٩): هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٢) ((الدين الخالص)) (٣/ ٤٤٦).
(٣) رواه ابن سعد في ((الطبقات)) (٣/ ٦٦). ورواه أحمد في ((فضائل الصحابة)) (١/ ٤٧٣)، وابن أبي شيبة (١٥/ ٢٠٢)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٣٩/ ٣٥٦ - ٣٥٧).
(٤) رواه البخاري (٣٦٩٧).
(٥) ((منهاج السنة)) (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>