للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٩) وروى الإمام أحمد بإسناده إلى جبير بن نفير قال: ((كنا معسكرين مع معاوية بعد قتل عثمان رضي الله تعالى عنه فقام كعب بن مرة البهزي فقال: لولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت هذا المقام فلما سمع بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس الناس فقال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر عثمان عليه مرجلاً قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتخرجن فتنة من تحت قدمي أو من بين رجلي هذا، هذا يومئذ ومن اتبعه على الهدى قال: فقام ابن حوالة الأزدي من عند المنبر فقال: إنك لصاحب هذا قال: نعم قال: والله إني لحاضر ذلك المجلس ولو علمت أن لي في الجيش مصدقاً كنت أول من تكلم به)) (١).

(١٠) وروى أيضاً بإسناده إلى كعب بن عجرة قال: ((كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقربها فمر رجل متقنع فقال هذا يومئذ على الهدى قال فاتبعته حتى أخذت بضبعيه فحولت وجهه إليه وكشفت عن رأسه وقلت: هذا يا رسول الله قال: نعم فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه)) (٢). فهذه الثلاثة الأحاديث كلها تضمنت الإشارة إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه وأنه سيبتلى بالفتنة المذكورة في الحديث والتي كان من آثارها قتله رضي الله عنه ظلماً وعدواناً بغير حق لما علم الله تعالى له أن سيكون في عداد الشهداء كما وضحت هذه الأحاديث أنه هو ومن اتبعه على الهدى عند وقوع تلك الفتن من قبيل قوله تعالى: أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ [البقرة: ٥] فعثمان رضي الله عنه كان على الحق، والفتنة التي وقعت في زمنه أهلها على الباطل ففي ذلك فضيلة عظيمة لعثمان رضي الله عنه.

ولقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان رضي الله عنه سيكون أحد الخلفاء الراشدين من بعده، الذين يتولون أمر الأمة، فقد أوصاه في غير ما حديث أنه إن خرج عليه الخارجون وأرادوا منه أن يخلع نفسه فلا يستجيب لهم ولا كرامة وأنه يتمسك بحقه فيه ولا يطع أحداً في تركه.

(١١) فقد روى أبو عيسى الترمذي بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم)) (٣).

ففي هذا الحديث (الإشارة إلى الخلافة واستعارة القميص لها وذكر الخلع ترشيح أي: سيجعلك الله خليفة، فإن قصد الناس عزلك، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم لكونك على الحق، وكونهم على الباطل) (٤).

(١٢) وروى الترمذي بإسناده إلى أبي سهلة قال: ((قال لي عثمان يوم الدار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى عهداً فأنا صابر عليه)) (٥).

فقوله: ((قد عهد إلى عهداً)) أي: أوصاني أن لا أخلع بقوله: ((وإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه لهم)) ((فأنا صابر عليه)) (أي: على ذلك العهد) (٦).


(١) رواه أحمد (٤/ ٢٣٦) (١٨٠٩٢). قال ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (١٣/ ٥٦): له طريق آخر، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٣١١٩): إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) رواه أحمد (٤/ ٢٤٣) (١٨١٥٤). قال شعيب الأرناؤوط محقق ((المسند)): صحيح لغيره.
(٣) رواه الترمذي (٣٧٠٥). وقال: حسن غريب، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٤) ((الدين الخالص)) (٣/ ٤٤٦).
(٥) رواه الترمذي (٣٧١١). وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن أبي خالد. وقال المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (٩/ ٢٢٣): في سنده سفيان بن وكيع وهو متكلم فيه [ولكن له متابعة]، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٦) ((تحفة الأحوذي)) (١٠/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>