للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت رضي الله عنها تقول للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن: أن جدي وجدك واحد، وأني أنكحنيك الله من السماء، وأن السفير جبريل عليه السلام) (١)، ولعل لأجل هذه الفضيلة أولم عليها رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يولم على امرأة من نسائه (٢).

الفضيلة الرابعة: نزول الحجاب في زواجها:

حيث ثبت أن آية الحجاب وهي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب: ٥٣]، نزلت في قصة زواجها، وقد ثبت ذلك من حديث أنس رضي الله عنه (٣) وقد عد ذلك أهل العلم من فضائلها (٤)، ولعل مرد ذلك ما يوحي به نزول الآية في وقت زواجها من مزيد العناية بها رضي الله عنها، ولعل هذا من توابع تزويج الله لها فكأنه سبحانه وتعالى زوجها، وجعل من تبعات ذلك ضرب الحجاب عليها وعلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم والأمة. آيات آل البيت في القرآن الكريم لمنصور بن حمد العيدي – ص: ٢٦٢

٢ - فضل زينب في السنة

- ثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليها بين أزواجه بذكر إحدى مآثرها بصيغة يتحقق تأويلها مستقبلاً وهي الصدقة والإنفاق في سبيل الله. فقد روى مسلم بإسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً قالت فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً قالت: فكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق)) (٥).

وروى الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً، قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة قالت: وكانت زينب امرأة صناعة اليد فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله عز وجل)) (٦).

قال النووي: (معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية وهي الجارحة فكن يذرعن أيديهن بقصبة فكانت سودة أطولهن جارحة وكانت زينب أطولهن يداً في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلمن أن المراد طول اليد في الصدقة والجود ... وفيه معجزة باهرة لرسوله صلى الله عليه وسلم ومنقبة ظاهرة لزينب.

ووقع الحديث في كتاب الزكاة من البخاري بلفظ: متعقد يوهم أن أسرعهن لحاقاً سودة وهذا الوهم باطل بالإجماع) (٧).

٤ - ومن مناقبها ثناء عائشة رضي الله عنها ووصفها بصفات مكارم الأخلاق والتي اشتملت على البر والتقوى والورع.


(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٠/ ٢٧٦)، والثعلبي في ((الكشف والبيان)) (٨/ ٤٩). قال ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٣/ ٤١٢): أخرجه الطبري وأبو القاسم الطحاوي في كتاب "الحجة والتبيان" من مرسل الشعبي.
(٢) حديث الوليمة رواه البخاري (٥١٦٨)، ومسلم (١٤٢٨). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٧٤٢١)، وأحمد (٣/ ٢٢٦) (١٣٣٨٥)، والنسائي (٦/ ٧٩)، وفي ((السنن الكبرى)) (٦/ ٤٣٦) (١١٤٢١).
(٤) ((العقيدة في أهل البيت)) (ص: ١٠٦).
(٥) رواه مسلم (٢٤٥٢).
(٦) رواه الحاكم (٤/ ٢٦). وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٧) ((شرح صحيح مسلم)) (١٦/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>