للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شيخ الإسلام رحمه الله في تفسير سورة الإخلاص: فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه يَنْزِل إلى سماء الدنيا كل ليلة، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج، وأنه كلَّم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وأنه استوى إلى السماء وهي دخانٌ، فقال لها وللأرض: ائتيا طَوْعاً أو كَرْهاً؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة، حتى يُقال: ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر (١)

وقال الإمام ابن جرير الطبري في (التبصير في معالم الدين) في فصل: القول فيما أُدرك علمه من صفات الصانع خبراً لا استدلالاً: وذلك نحو إخبار الله تعالى ذكره إيانا أنه سميعٌ بصيرٌ، وأنَّ له يدين بقوله بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ وأنه يَهْبِطُ إلى السماء الدنيا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢)

وقال شيخ الإسلام نقلاً عن الكرجي مؤيداً له: رُوي عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال في الأحاديث التي جاءت إنَّ الله يهبط إلى السماء الدنيا ونحو هذا من الأحاديث إنَّ هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها (٣) وكذا ابن القيم في (اجتماع الجيوش الإسلامية) نقلاً عن أبي القاسم اللالكائي (٤)

وقال أيضاً: وقد تأوَّل قومٌ من المنتسبين إلى السنة والحديث حديث النُّزُول وما كان نحوه من النصوص التي فيها فعل الرب اللازم كالإتيان والمجيء والهبوط ونحو ذلك وردَّ على ذلك مثبتاً هذه الصفات (٥)

وقال بعد أن ذكر روايات ابن منده لحديث النُّزُول: فهذا تلخيصُ ما ذكره عبدالرحمن بن منده مع أنه استوعب طرق هذا الحديث وذكر ألفاظه مثل قوله: ((يَنْزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا إذا مضى ثلث الليل الأوَّل فيقول: أنا الملك من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك إلى الفجر)) (٦) وفى لفظ: ((إذا بقي من الليل ثلثاه يَهْبِطُ الرب إلى السماء الدنيا)) (٧) وفى لفظ: ((حتى ينشق الفجر ثم يرتفع)) (٨) وفي رواية: ((يقول لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه)) (٩) وفي رواية عمرو بن عبسة: ((أنَّ الرب يَتَدَّلى في جوف الليل إلى السماء الدنيا)) (١٠) (١١) قلت: فحديث النُّزُول إذاً صح بثلاثة ألفاظ: النُّزُول والْهُبُوط والتًّدَلِّي

وانظر: (رسالة شرح حديث النُّزول) لشيخ الإسلام رحمه الله صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٢٩٤


(١) ((دقائق التفسير)) (٦/ ٤٢٤).
(٢) ((التبصير في معالم التنزيل)) (ص١٣٢).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ١٨٦).
(٤) ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (١/ ١٣٩).
(٥) ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (٥/ ٣٩٧).
(٦) رواه أحمد (٢/ ٢٨٢) (٧٧٧٩) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٧) رواه أحمد (١/ ٣٨٨، ٤٠٣)، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (١/ ١٣٧) بلفظ (ثلث الليل الباقي).
(٨) ابن أبي عاصم في ((السنة)) (٥٠٠، ٥٠١) والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٦/ ١٢٤، ١٢٥). من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما. وقال الألباني في ((ظلال الجنة)): إسناده جيد.
(٩) رواه ابن خزيمة في ((التوحيد)) (١/ ٣١٣)، وابن حبان (١/ ٤٤٤)، والطبراني (٥/ ٥٠). من حديث رفاعة بن عرابة الجهني رضي الله عنه. وأشار الألباني إلى صحة هذه الرواية في ((السلسلة الضعيفة)) تحت الحديث رقم (٣٨٩٧).
(١٠) رواه أحمد (٤/ ٣٨٥) (١٩٤٥٢) دون آخره (إلى السماء الدنيا) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف لانقطاعه بين سليم بن عامر وعمرو بن عبسة على خطأ في متنه واختلف فيه على يزيد بن هارون.
(١١) ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) (٥/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>