للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الإمامان الحافظان الرازيان – رحمهما الله – أبو حاتم وأبو زرعة: (أدركنا العلماء في جميع الأمصار – حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً – فكان من مذهبهم ... الجنة حق والنار حق، وهما مخلوقان لا يفنيان أبداً) (١).

وقال الإمام ابن بطة العكبري - رحمه الله - بعد قوله: (ونحن الآن ذاكرون شرح السنة ووصفها وما هي في نفسها، وما الذي إذا تمسك به العبد ودان الله به سمي بها واستحق الدخول في جملة أهلها وما إن خالفه أو شيئاً منه دخل في جملة من عبناه وذكرناه، وحذر منه من أهل البدع والزيغ مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة مذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا ... (فذكر جملة من معتقد أهل السنة إلى أن قال) .. وأما عذاب النار فدائم أبداً بدوام الله، وأهلها فيها مخلدون خالدون) (٢).

ونقل ذلك عن أهل السنة أيضاً الإمام أبو إسماعيل عثمان الصابوني – رحمه الله – فقال: (ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان وأنهما باقيتان لا يفنيان أبداً، وأن ... أهل النار – الذين هم أهلها خلقوا لها – لا يخرجون منها أبداً) (٣).

وقال الإمام الحافظ ابن حزم - رحمه الله -: (الجنة حق، والنار حق داران مخلوقتان مخلدتان هما ومن فهيما بلا نهاية ... كل هذا إجماع من جميع أهل الإسلام، ومن خرج عنه خرج عن الإسلام) (٤).

ويقرر ذلك الإمام العلامة حافظ المغرب ابن عبد البر – رحمه الله – بقوله: (قال أهل السنة: إن الجنة والنار مخلوقتان وأنهما لا تبيدان) (٥).

ويؤكد ذلك أيضاً الإمام الحافظ قوام السنة أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني – رحمه الله – بقوله: (أهل السنة يعتقدون أن الجنة والنار خلقتا للبقاء ولا يفنيان أبداً) (٦).

وانظر أيضاً ما قاله الإمام أحمد في (الرد على الجهمية) (٧)؛ وابن خزيمة في كتاب (التوحيد) (٨)؛ وأبو جعفر الطحاوي في عقيدته المشهورة بـ (الطحاوية) (٩)؛ وأبو الحسن البربهاري في (شرح السنة) (١٠)؛ والآجري في (الشريعة) (١١)، وابن أبي زيد في (القيروانية) (١٢)، وابن حزم في (المحلى) (١٣).

ذكر مستند الإجماع على عدم فناء النار: أخبر الله تعالى بأن أهل النار خالدون فيها خلوداً مؤبداً، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [النساء: ١٦٨ - ١٦٩].

وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا [الأحزاب: ٦٤].

ووصفهم بعدم الخروج من النار، فقال تعالى: وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة: ١٦٧]، وقال تعالى: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [المائدة: ٣٧].

وقضى عليهم بعدم الموت وعدم تخفيف العذاب، فقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ [فاطر: ٣٦].


(١) ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (١/ ١٩٩).
(٢) ((الشرح والإبانة)) (ص: ٢٠٨).
(٣) ((عقيدة السلف وأصحاب الحديث))
(٤) ((الدرة فيما يجب اعتقاده)) (ص: ٢٧).
(٥) ((فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر)) (٢/ ١١٦).
(٦) ((الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة)) (٢/ ٤٣٤).
(٧) (ص: ٥٨).
(٨) (٢/ ٨٧٥)
(٩) (ص: ٢٦٤).
(١٠) (ص: ٧٤).
(١١) (٣/ ١٣٤٣، ١٣٧١).
(١٢) ((شرح القيروانية)) (ص: ٥١).
(١٣) (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>