للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسمه من عبد عمرو إلى عبد الرحمن.

روى الحاكم بإسناده إلى عبد الرحمن بن عوف قال: (كان اسمي في الجاهلية عبد عمرو فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن) (١)

- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الله له أن يسقيه من سلسبيل الجنة.

فقد روى الحاكم أيضاً بإسناده إلى أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: ((إن الذي يحنو عليكم بعدي هو الصادق البار اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة)) (٢).

وروى أيضاً: بإسناده إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثه قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها- فقالت لي: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي: أمركن مما يهمني بعدي ولن يصبر عليكن إلا الصابرون، ثم قالت: فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة، وكان عبد الرحمن بن عوف قد وصلهن بمال فبيع بأربعين ألفاً)) (٣).

ففي هذين الحديثين فضيلة لعبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-.

- ومن أجلّ مناقبه وأعلاها شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة. فقد روى الترمذي رحمه الله بسنده إلى عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ... )) الحديث (٤).

فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عبد الرحمن أحد أهل الجنة، جعلنا الله منهم بفضله ومنه آمين.

- ومن مناقبه العظيمة إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شهيد. روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال: أشهد على التسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم آثم قيل: وكيف ذاك قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء فقال: ((اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)) قيل: ومن هم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف قيل فمن العاشر قال أنا (٥).

فالحديث تضمن منقبة عالية لعبد الرحمن وهي أنه سيموت شهيداً ولا يعارض هذا وفاته -رضي الله عنه- على فراشه فلابد من التسليم والإيمان بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولابد هناك من سبب ثبتت له به الشهادة ليكون تصديقاً للنبي صلى الله عليه وسلم لم نعلمه نحن.

ذلك هو عبد الرحمن بن عوف الذي قضى حياته كلها في طاعة ربه حتى في اللحظة الأخيرة التي كان فيها في مرض موته فقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: (ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار وكانوا مائة فأخذوها حتى عثمان وعلي وقال علي: اذهب يا ابن عوف فقد أدركت صفوها وسبقت زيفها (٦). وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كثير حتى كانت عائشة تقول: سقاه الله من السلسبيل وأعتق خلقاً من مماليكه، ولما مات صلى عليه عثمان بن عفان، وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع (٧) سنة إحدى وثلاثين وقيل سنة اثنتين وهو الأشهر) (٨). عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم لناصر بن علي عائض – ٣٠٠/ ١


(١) رواه الحاكم في ((المستدرك)) (٣/ ٣٤٦)، (٤/ ٣٠٨). وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) رواه الحاكم في ((المستدرك)) (٣/ ٣٥١). وقال: صحّ الحديث عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، ووافقه الذهبي، وقال الشوكاني في ((در السحابة)) (ص: ١٩٠): إسناده رجاله ثقات. وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) للألباني (١٥٩٤).
(٣) رواه الحاكم في ((المستدرك)) (٣/ ٣٥٢). والحديث رواه الترمذي (٣٧٤٩). وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٤) رواه الترمذي (٣٧٤٧)، وأحمد (١/ ١٩٣) (١٦٧٥). وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ٤٣٦) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٣/ ١٣٦): إسناده صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٥) رواه أبو داود (٤٦٤٨)، والترمذي (٣٧٥٧)، وابن ماجه (١٣٤)، وأحمد (١/ ١٨٩) (١٦٤٤). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٩٠٤) كما أشار إلى ذلك في مقدمته، وأحمد شاكر في تحقيقه لمسند أحمد (١/ ٢٠٨)، وقال ابن حجر في ((الإمتاع)) (١/ ١٠٤)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٦) انظر: ((المستدرك)) للحاكم (٣/ ٣٠٨).
(٧) ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٨٠).
(٨) ((الاستيعاب على حاشية الإصابة)) (٢/ ٣٩٠)، ((الإصابة)) (٢/ ٤٠٩ - ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>