للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر ابن حزم في كتابه المحلى وبإسناده فقال: حدثنا صمام نا عباس ... عن عروة بن محمد عن رجل بن بلقين قال: ((كان رجل يشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يكفيني عدواً لي؟ فقال خالد بن الوليد: أنا. فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم فقتله)). (١) المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين – ص: ٧٩٩

وقد حكى أبو بكر الفارسي من أصحابِ الشافعي إجماعَ المسلمين على أنَّ حدَّ من يَسبّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم القتلُ كما أن حدَّ من سَبَّ غيرَه الجلدُ (٢) وهذا الإجماعُ الذي حكاه هذا محمولٌ على إجماعِ الصَّدْرِ الأول مِن الصحابة والتابعين، أو أنه أرادَ به إجماعَهم على أن سَابَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يجبُ قتلُه إذا كان مسلماً، وكذلك قَيَّدَه القاضي عِيَاضٌ، فقال: أجمعت الأمةُ على قَتْل متنقِّصِه من المسلمين وسابِّه، ...

تحرير القول في حكم الساب:

وتحرير القول فيها: أنَّ السابَّ إن كان مسلماً فإنه يَكفُرُ ويُقْتَلُ بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، ... وممن حكى الإجماع على ذلك من الأئمة ... : إسحاقُ بن رَاهُوْيَه وغيره، وإن كان ذمِّيّاً فإنه يقتل أيضاً في مذهب مالكٍ وأهْلِ المدينة، ... وهو مذهبُ أحمد وفقهاءِ الحديث ...

نصوص الإمام أحمد:

وقد نَصَّ أحمدُ على ذلك في مواضعَ متعددة. قال حَنْبَل: سمعت أبا عبدالله يقول: كلُّ من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو تنقَّصه - مسلماً كان أو كافراً - فعليه القتلُ، وأرى أن يُقتل ولا يُستتاب.

قال: وسمعت أبا عبدالله يقول: كلُّ مَن نَقَضَ العهدَ وأحدث في الإسلام حَدَثاً مثل هذا رأيتُ عليه القتل، ليس على هذا أعْطُوا العهدَ والذِّمَّة. وكذلك قال أبو الصقر: سألت أبا عبدالله عن رجل من أهل الذمَّة شتم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ماذا عليه؟ قال: إذا قامت عليه البينة يقتل مَنْ شتم النبي صلى الله عليه وسلم، مسلماً كان أو كافراً. رواهما الخَلاَّل.

وقال في رواية عبدالله وأبي طالب وقد سُئل عمّن شتم النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: يُقتل، قيل له: فيه أحاديث؟ قال: نعم، أحاديث منها: حديثُ الأعمى الذي قَتَلَ المرأة، قال: سمعتها تَشتمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم (٣) ... وذلك أنه من شتم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فهو مُرْتَدٌّ عن الإسلام، ولا يشتم مسلمٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.


(١) رواه عبد الرزاق في ((المصنف)) (٥/ ٢٣٧) عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما مرسلاً. وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (١١/ ٤١٣).
(٢) تكملة ((المجموع)) للمطيعي (١٩/ ٤٢٧).
(٣) رواه أبو داود (٤٣٦١)، والنسائي (٧/ ١٠٧)، والحاكم (٤/ ٣٩٤). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (٢/ ٧٤٤): صحيح على طريقة بعض أهل الحديث - كما اشترط على نفسه في المقدمة -، وقال ابن حجر في ((بلوغ المرام)) (ص: ٣٦٣): رواته ثقات. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>