ومن الرقى المحرمة: أن تكون الرقية فيها طلاسم، أو ألفاظ غير مفهومة، والغالب أنها رقى شركية، وبالأخص إذا كانت من شخص غير معروف بالصلاح والاستقامة على دين الله تعالى، أو كانت من كافر كتابي أو غيره. تسهيل العقيدة الإسلامية لعبد الله بن عبد العزيز الجبرين– ص: ٣٩٧
هذه الأمور المذكورة التي يتعلق بها العامة غالبها من الشرك الأصغر لكن إذا اعتمد العبد عليها بحيث يثق بها ويضيف النفع والضر إليها كان ذلك شركا أكبر والعياذ بالله لأنه حينئذ صار متوكلا على سوى الله ملتجئا إلى غيره
وَمَن يَثِقْ بِوَدْعَةٍ أوْ نَابِ ... أَوْ حَلْقَةٍ أوْ أَعْيُنِ الذِّئَابِ
أَوْ خَيْطٍ اَوْ عُضْوٍ مِنَ النُّسُورِ ... أَو وَتَرٍ أوْ تُرْبَةِ الْقُبُورِ
لأَيِّ أَمْرٍ كَائِنٍ تَعَلَّقَهْ ... وَكلَهُ اللهُ إِلَى مَا عَلَّقَهْ
(ومن يثق) هذا الشرط جوابه (وكلهُ) الآتي:
(بودعة) قال في النهاية هو شيء أبيض يجلب من البحر يعلق في حلوق الصبيان وغيرهم. وإنما نهى عنه لأنهم كانوا يعلقونها مخافة العين (٢٢٧).
(أو ناب) كما يفعله كثير من العامة يأخذون ناب الضبع ويعلقونه من العين.
(أو حلقة) وكثيراً ما يعلقونها من العين وسيأتي في الحديث أنهم يعلقونها من الواهنة وهو مرض العضد.
(أو أعين الذئاب) وكثيراً ما يعلقونها يزعمون أن الجن تفر منها، ومنهم من يقول إنه إذا وقع بصر الذئب على جني لا يستطيع أن يفر منه حتى يأخذه، ولهذا يعلقون عينه إذا مات على الصبيان ونحوهم.
(أو خيط) وكثيراً ما يعلقونه على المحموم ويعتقدونه فيه عقداً بحسب اصطلاحاتهم، وأكثرهم يقرأ عليه سورة: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:١] إلى آخرها، ويعقد عند كل كاف منها عقدة، فيجتمع في الخيط تسع عقد بعدد الكافات، ثم يربطونه بيد المحموم أو عنقه.
(أو عضو من النسور) كالعظم ونحوه يجعلونها خرزاً ويعلقونها على الصبيان يزعمون أنها تدفع العين.
(أو وتر) وكانوا في الجاهلية إذا عتق وتر القوس أخذوه وعلقوه يزعمون عن العين على الصبيان والدواب.
(أو تربة القبور) وما أكثر من يستشفي بها لا شفاهم الله، واستعمالهم لها على أنواع: فمنهم من يأخذها ويمسح بها جلده، ومنهم من يتمرغ على القبر تمرغ الدابة، ومنهم من يغتسل بها مع الماء، ومنهم من يشربها وغير ذلك. وهذا كله ناشئ عن اعتقادهم في صاحب ذلك القبر أنه ينفع ويضر، حتى عدوا ذلك الاعتقاد فيه إلى تربته فزعموا أنها فيها شفاء وبركة لدفنه فيها، حتى إن منهم من يعتقد في تراب بقعة لم يدفن فيها ذلك الولي بزعمه بل قيل له إن جنازته قد وضعت في ذلك المكان. وهذا وغيره من تلاعب الشيطان بأهل هذه العصور زيادة على ما تلاعب بمن قبلهم. نسأل الله العافية.