للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول حديثي: وخلاصته أن الحديث المذكور لا أصل له بهذا اللفظ، كما أن لفظة (طري) لا وجود لها في شيء من كتب السنة إطلاقاً، ولكن معناه قد ورد في عدة أحاديث صحيحة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي)) قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمتَ (قال: يقولون: بَليتَ)، قال: ((إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء)) (١) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ((الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)) (٢) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره)) (٣) وقوله: ((إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام)) (٤).

الجواب الثاني فقهي: وفحواه أن حياته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مخالفة لحياته قبل الوفاة، ذلك أن الحياة البرزخية غيب من الغيوب، ولا يدري كنهها إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن من الثابت والمعلوم أنها تختلف عن الحياة الدنيوية، ولا تخضع لقوانينها، فالإنسان في الدنيا يأكل ويشرب، ويتنفس ويتزوج، ويتحرك ويتبرز، ويمرض ويتكلم، ولا أحد يستطيع أن يثبت أن أحداً بعد الموت حتى الأنبياء عليهم السلام، وفي مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تعرض له هذه الأمور بعد موته.


(١) [٣٧٥٠])) رواه أبو داود (١٠٤٧) وابن ماجه (١٦٣٦) والنسائي (٣/ ٩١) وأحمد (٤/ ٨) (١٦٢٠٧) والحاكم (١/ ٤١٣) , والحديث سكت عنه أبو داود, وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي, وقال النووي في ((الخلاصة)) (١/ ٤٤١): إسناده صحيح, وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٢) [٣٧٥١])) رواه أبو يعلى (٦/ ١٤٧) من حديث أنس بن مالك, قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ٢١٤): رجال أبي يعلى ثقات, وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (٦/ ٥٦١): فيه يحيى بن أبي كثير وهو من رجال الصحيح عن المستلم بن سعيد، وقد وثقه أحمد وابن حبان عن الحجاج الأسود وهو ابن أبي زياد البصري وقد وثقه أحمد وابن معين عن ثابت عنه، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٢٧٩٠).
(٣) [٣٧٥٢])) رواه مسلم (٢٣٧٥) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٤) [٣٧٥٣])) رواه النسائي (٣/ ٤٣) وابن حبان (٣/ ١٩٥) والطبراني (١٠/ ٢٢٠) والحاكم (٢/ ٤٥٦) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه, قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي, وقال ابن القيم في ((جلاء الأفهام)) (١٢٠): إسناده صحيح, وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢٧): رجاله رجال الصحيح, وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)).

<<  <  ج: ص:  >  >>