للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى عن صاحب يس: وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ [يس:٢٢ - ٢٥].

وقال تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام: ٩٤]

وقال تعالى: مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ [السجدة:٤] وقال تعالى: وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الأنعام:٥١]. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - ٢/ ٨٢٧

قال الشيخ حافظ الحكمي-رحمه الله تعالى- في شرح منظومة سلم الوصول

وَمَنْ عَلَى الْقَبْرِ سِرَاجًا أَوْقَدَا ... أوِ ابْتَنَى عَلَى الضَّرِيحِ مَسْجِدا

فإِنَّهُ مُجَدِّدٌ جِهَارا ... لِسُنَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

(ومن على القبر) متعلق بأوقد (سراجا) مفعول (أوقدا) بألف الإطلاق، والمعنى: ومن أوقد سراجاً على القبر (أو ابتنى) بمعنى: بنا وزيدت التاء فيه لمعنى الاتخاذ (على الضريح) أي: على القبر، واشتقاقه من الضرح الذي هو الشق (مسجدا) أو اتخذ القبر نفسه مسجدا ولو لم يبن عليه (فإنه) أي فاعل ذلك (مجدد) بفعله ذلك (جهاراً) أي تجديداً واضحاً مجاهراً به الله ورسوله وأولياءه (لسنن) أي لطرائق (اليهود والنصارى) في اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد ويعكفون عليها، وأعياد لهم ينتابونها، ويترددون إليها، كيف وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم للذين طلبوا منه ذات أنواط: ((الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ لتتبعن سنن من كان قبلكم)) (١) وقال صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه)). قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟)) أخرجاه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه (٢)، وقد وقع الأمر والله كما أخبر صلى الله عليه وسلم به، فالله المستعان.

كَمْ حَذَّرَ الْمُخْتَارُ عَنْ ذَا وَلَعَنْ ... فَاعِلَهُ كَمَا رَوَى أَهْلُ السُّنَنْ

بَلْ قَدْ نَهَى عَنِ ارْتِفَاعِ الْقَبْرِ ... وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ فَوْقَ الشِّبْرِ

وَكُلُّ قَبْرٍ مُشْرِفٍ فَقَدْ أَمَرْ ... بِأَنْ يُسَوَّى هَكَذَا صَحَّ الْخَبَرْ


(١) رواه ابن حبان (٦٧٠٢)، والطبراني (٣/ ٢٤٤). من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه. قال شعيب الأرناؤوط محقق ((صحيح ابن حبان)): إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) رواه البخاري (٣٤٥٦)، ومسلم (٢٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>