للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كثرة تسبيحهم إلا لأن التسبيح أفضل الذكر، روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر، قال: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذكر أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده)) (١).

٢ - الاصطفاف: ... ذكر الحديث الذي يحث الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أصحابه على الاقتداء بالملائكة في الاصطفاف للصلاة: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟. وعندما سئل عن كيفية اصطفافهم قال: يتمون الصفوف، ويتراصون في الصف)). رواه مسلم (٢).

وفي القرآن عن الملائكة: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ [الصافات: ١٦٥]. وهم يقومون، ويركعون، ويسجدون، ففي مشكل الآثار للطحاوي، وفي المعجم الكبير للطبراني عن حكيم بن حزام قال:

((بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ قال لهم: أتسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمع من شيء، قال: إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئط، ما فيها موضع شبر إلا عليه ملك ساجد أو قائم)) (٣).

٣ - الحج: للملائكة كعبة في السماء السابعة يحجون إليها، هذه الكعبة هي التي أسماها الله تعالى: البيت المعمور، وأقسم به في سورة الطور: وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ [الطور: ٤].

قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: (ثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث الإسراء، بعد مجاوزته السماء السابعة: ((ثم رفع بي إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألفاً، لا يعودون إليه آخر ما عليهم)) (٤)؛ يعني يتعبدون فيه، ويطوفون به كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم، والبيت المعمور هو كعبة أهل السماء السابعة، ولهذا وَجَد إبراهيمَ الخليل - عليه الصلاة والسلام - مسنداً ظهره إلى البيت المعمور؛ لأنه باني الكعبة الأرضية، والجزاء من جنس العمل).

وذكر ابن كثير أن البيت المعمور بحيال الكعبة، أي فوقها، لو وقع لوقع عليها، وذكر أن في كل سماء بيتاً يتعبد فيه أهلها، ويصلون إليه، والذي في السماء الدنيا يقال له: بيت العزة (٥).

وهذا الذي ذكره ابن كثير من أن البيت المعمور بحيال الكعبة مروي عن علي بن أبي طالب، أخرج ابن جرير من طريق خالد بن عرعرة: (أن رجلاً قال لعلي - رضي الله عنه-: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء بحيال البيت، حرمة هذا في السماء كحرمة هذا في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ولا يعودون إليه) (٦).

قال فيه الشيخ ناصر الدين الألباني: (ورجاله ثقات غير خالد بن عرعرة, وهو مستور ... ثم ذكر أن له شاهداً مرسلاً صحيحاً من رواية قتادة، قال: ذكر لنا ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه: هل تدرون ما البيت المعمور؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه مسجد في السماء، تحته الكعبة، لو خرّ لخر عليها ... )) (٧)).

ثم قال المحقق - الألباني -: (وجملة القول أن هذه الزيادة ((حيال الكعبة)) ثابتة بمجموع طرقها) (٨).

٤ - خوفهم من الله وخشيتهم له: ولما كانت معرفة الملائكة بربهم كبيرة، كان تعظيمهم له، وخشيتهم له عظيمة، قال الله فيهم: وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء: ٢٨].

ويبين شدة خوفهم من ربهم ما رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كالسلسلة على صفوان)).

قال علي، وقال غيره: (صفوان ينفذهم ذلك. فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير) (٩).

وفي معجم الطبراني الأوسط بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مررت ليلة أُسري بي بالملأ الأعلى، وجبريل كالحلس البالي من خشية الله تعالى)) (١٠). عالم الملائكة الأبرار لعمر الأشقر – ص ٢٩


(١) رواه مسلم (٢٧٣١).
(٢) رواه مسلم (٤٣٠). من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.
(٣) رواه الطحاوي (٣/ ١٦٧)، والطبراني (٣/ ٢٠١)، والمروزي في ((تعظيم قدر الصلاة)) (١/ ٢٥٨)، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (١/ ٢٠٢)، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (٣/ ٩٨٦). قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١٠٦٠): إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات.
(٤) رواه البخاري (٣٢٠٧)، ومسلم (١٦٢). من حديث صعصعة بن مالك رضي الله عنه. بلفظ: (( ... فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم ... )).
(٥) ((تفسير ابن كثير)) (٧/ ٤٢٩).
(٦) رواه الطبري في تفسيره (٢٢/ ٤٥٥).
(٧) رواه الطبري في تفسيره (٢٢/ ٤٥٦).
(٨) ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (١/ ٤٧٦).
(٩) [٤٢٨٦])) رواه البخاري (٤٧٠١).
(١٠) [٤٢٨٧])) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٥/ ٦٤) (٤٦٧٩)، وابن أبي عاصم (٦٢١). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ٨٣): رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في ((الكافي الشاف)) (١٨٧): مرفوع وإسناده قوي، وصحح إسناده السيوطي في ((الخصائص الكبرى)) (١/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>