للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعن الملائكة يدل على حرمة هذا الفعل، لما فيه من ترويعٍ لأخيه، ولأنّ الشيطان قد يطغيه فيقتل أخاه، خاصة إذا كان السلاح من هذه الأسلحة الحديثة، التي قد تنطلق لأقل خطأ، أو لمسة غير مقصودة، وكم حدث أمثال هذا.

ج- لعنهم من سبّ أصحاب الرسول:

في معجم الطبراني الكبير عن ابن عباس بإسناد حسن: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((من سبّ أصحابي، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)) (١).

فيما عجباً لأقوام جعلوا سبّ أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ديناً لهم يتقربون به إلى الله، مع أن جزاءَهم ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم هنا، وهو جزاء رهيب.

د- لعنهم الذين يحولون دون تنفيذ شرع الله:

في سنن النسائي وسنن ابن ماجة، بإسناد صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قَتَلَ عمداً فَقَود يديه، فمن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين)) (٢). فالذي يحول دون تنفيذ حكم الله في قتل القاتل عمداً بالجاه أو المال ... فعليه هذه اللعنة، فكيف بالذي يحول دون تنفيذ الشريعة كلها؟!

هـ- لعنهم الذي يؤوي محدثاً:

من الذين تلعنهم الملائكة كما يلعنهم الله الذين يحدثون في دين الله، بالخروج على أحكامه، والاعتداء على تشريعه، أو يؤوون من يفعل ذلك، ويحمونه، كما في الحديث الصحيح: ((من أحدث حدثاً, أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين)) (٣).

والحدث في المدينة فيه زيادة في الإجرام، ففي الصحيحين عن علي بن أبي طالب قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المدينة حرم، ما بين عَيْر إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً، ولا عدلاً)) (٤)

- رؤية الملائكة:

لا يستطيع بنو آدم أن يروا الملائكة، لأن الله لم يعط أبصارهم القدرة على رؤيتهم.

ولم ير الملائكة في صورهم الحقيقة من هذه الأمة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلقه الله عليها ...

- طلب الكفار رؤية الملائكة؟

وقد طلب الكفار رؤية الملائكة للتدليل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم الله أن اليوم الذي يرون فيه الملائكة يوم شؤم عليهم؛ إذ الكفار يرون الملائكة عندما يحلّ بهم العذاب، أو عندما ينزل بالإنسان الموت، ويكشف عنه الغطاء: وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا [الفرقان: ٢١ - ٢٢]. عالم الملائكة الأبرار لعمر الأشقر - بتصرف – ص: ٧٠


(١) رواه الطبراني (١٢/ ١٤٢) (١٢٧٤٠). وحسنه محمد جار الله الصعدي في ((النوافح العطرة)) (٣٨٣)، والألباني بمجموع طرقه في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٢٣٤٠).
(٢) رواه أبو داود (٤١٩٥)، والنسائي (٨/ ٤٠)، وابن ماجه (٢٦٣٥). والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (١٠/ ٣٧٩)، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٧٥٠) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٣/ ٣٨١) كما قال هذا في المقدمة.
(٣) رواه مسلم (١٣٧١). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) رواه البخاري (٦٧٥٥)، ومسلم (١٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>