للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل رأيتم فضلاً أكبر من هذا، ومنزلة أعظم من هذه المنزلة، يتبوأ عليها القرآن مستحقاً.

هذا بعض فضل القرآن عند منزله سبحانه وتعالى، أما فضائله التي جاءت على لسان مبلغه عليه الصلاة والسلام فكثيرة، من أجمعها الحديث الذي رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا إنها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ [الجن: ١ - ٢]، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)) (١)، وروى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله, وهو النور المبين، والشفاء النافع, عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما أني لا أقول: ألم حرف, .... )) (٢).

ومالنا والإطناب في فضل القرآن ليكفنا – وحسبنا ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) (٣).

فكما فاض فضل القرآن فعم الشهر الذي أنزل فيه فصار أفضل الشهور، والليلة التي أنزل فيها فصارت أفضل الليالي، فقد عم فضله أيضاً على الناس فصار خيرهم من تعلمه وعلمه.

هذا غيض من فيض عن فضل القرآن الكريم عامة في الكتاب والسنة، وهناك فضائل خاصة لبعض سوره وآياته. خصائص القرآن الكريم لفهد بن عبد الرحمن الرومي– ص: ١٢٤


(١) رواه الترمذي (٢٩٠٦) وقال: إسناده مجهول وفي الحارث مقال. وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٦/ ٤٣): لا ينبغي أن يعول عليه. وقال المزي في ((تهذيب الكمال)): [فيه] أبو المختار الطائي قال علي بن المديني لا يعرف وقال أبو زرعة لا أعرفه.
(٢) رواه الدارمي في ((سننه)) (٣٣١٥)، قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (١/ ٦٦): [فيه] إبراهيم الهجري [ضعفه غير واحد]. وقال ابن كثير في ((فضائل القرآن)) (٤٦): غريب من هذا الوجه وإنما هو من كلام ابن مسعود ولكن له شاهد من وجه آخر. وروي الترمذي حديثاً بلفظ (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ولا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصحح إسناده الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٩٠١) - كما أشار لذلك في مقدمته -. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(٣) رواه البخاري (٥٠٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>