وهناك إشارة دقيقة استمدها بعض العلماء من تسميته بالقرآن، والكتاب، فقال:(روعي في تسميته قرآناً كونه متلوا بالألسن، كما روعي في تسميته كتاباً كونه مدوناً بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه.
وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعاً، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجتمع عليه من الأصحاب, المنقول إلينا جيلاً بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة, ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحافظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية، إقتداء بنبيها بقي القرآن محفوظاً في حرز حريز (١).
وينبغي أن أنبه إلى أمرين هنا ..
الأول: أن ما ذكرته من أسماء القرآن مأخوذ من القرآن نفسه، وقد ورد في السنة أسماء أخرى للقرآن الكريم.
الثاني: أن أسماء القرآن وصفاته توقيفية، لا نسميه ولا نصفه إلا بما جاء في الكتاب, أو في السنة النبوية الشريفة، فإن قلت: أرأيت تسميته بالمصحف، هل وردت في الكتاب أو السنة، قلت: أن المصحف ليس اسماً للقرآن ذاته، وإنما اسم للصحف التي كتب عليها القرآن، ولم يطلق عليه (المصحف) إلا بعد جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في صحف ضم بعضها إلى بعض فسميت مصحفاً. خصائص القرآن الكريم لفهد بن عبد الرحمن الرومي– ص: ١٢١
(١) ((النبأ العظيم)) د. محمد عبد الله دراز (ص: ١٢ - ١٣).