يزعم اليهود أن الله عز وجل ندم على فعله، فمن ذلك قولهم في (سفر الخروج)(٣٢/ ١٤): "فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه". وقد كذَّبهم الله في ذلك فقال جلَّ وعلا: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:٢٣] وقال: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا [الفرقان: ٧٧] وهل يندم إلا الغرُّ الجاهل بالعواقب؟ والله عزَّ وجلَّ منزه عن ذلك.
وقد ورد في كتابهم أيضا ما يبين بطلان هذا الوصف وأن الله جلَّ وعلا لا يوصف به. جاء في (سفر العدد)(٢٣/ ١٩): "ليس الله إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم".
وصفهم الله عزَّ وجلَّ وتعالى وتقدس بالبكاء وذرف الدموع
وفي هذا يقولون في كتابهم أن الله قال لهم:(وإن لم تسمعوا- أي: كلامه وتطيعوه- فإن نفسي تبكي في أماكن مستترة من أجل الكبرياء، وتبكي عيني بكاءً وتذرف الدموع؛ لأنه قد سبي قطيع الرب). (سفر إرميا)(١٣/ ١٧). وأيضاً قالوا بعد ذلك مثله في (سفر إرميا)(١٤/ ١٧): إن الله قال لهم: "لتذرف عيناي دموعاً ليلاً ونهاراً ولا تكفا؛ لأن العذراء بنت شعبي سحقت سحقاً عظيماً بضربة موجعة جدًّا". فهذا كله لاشك أنه من افتراءات اليهود على الله عزَّ وجلَّ ووقاحتهم في كلامهم عن الله سبحانه. وهو دليل واضح على التحريف والتلاعب بكلام الله وكتب الأنبياء وفق أهوائهم، لا يراعون في ذلك لله وقاراً، ولا لكلامه تعظيماً وإكباراً، سوى ما يتفق مع أمزجتهم وأهوائهم، فعليهم من الله ما يستحقون. دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية لسعود بن عبد العزيز الخلف – ص: ١٠٥