للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه: وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا [الإسراء: ٥٥]. ذكر المفسرون أن الآية في محاجة اليهود وأن المعنى: وإنكم لم تنكروا تفضيل النبيين فكيف تنكرون فضل النبي صلى الله عليه وسلم (١). وقال الزمخشري: (قوله: وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ إشارة إلى تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا دلالة على وجه تفضيله، وهو أنه خاتم النبيين وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب في زبور داود وقال الله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ وهم محمد وأمته) (٢).

وقد احتج العلماء – كما يقول الخازن – بقوله تعالى في الأنعام: فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام: ٩٠] لكون النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء لأن ما تفرق في الأنبياء من خصال الفضل اجتمعت فيه صلى الله عليه وسلم (٣).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة)) (٤).

وفي رواية من حديث أبي هريرة: ((فضلت على الأنبياء بست)) (٥). فذكر أربعاً من الخمس المتقدمة إلا الشفاعة وزاد خصلتين هما: ((أعطيت جوامع الكلم)) و ((ختم بي النبيون)) فتحصل من الروايتين سبع خصال.

ومن حديث حذيفة: ((فضلنا على الناس بثلاث)) (٦). وفي روايات أن الخصائص أربع وروايات أنها اثنتين، ويتحصل من مجموع الروايات جملة من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي فضل بها على الأنبياء تزيد كثيراً على ما حدد في كل رواية من عدد، ذكر ابن حجر أنه ينتظم من الروايات سبع عشرة خصلة قال: (ويمكن أن يوجد أكثر من ذلك لمن أمعن التتبع) ونقل عن بعض أهل العلم أن عدد الذي اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء ستون خصلة (٧).

وأما اختلاف الروايات في تحديد العدد فإنه لا تعارض فيه، يقول ابن حجر في ذلك: (وطريق الجمع أن يقال: لعله اطلع أولاً على بعض ما اختص به ثم اطلع على الباقي، ومن لا يرى مفهوم العدد حجه يدفع هذا الإشكال من أصله) (٨).

وفي أحاديث الشفاعة من بيان فضله صلى الله عليه وسلم على الأنبياء ما هو ظاهر، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأنه يرغب إليه فيه الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام (٩).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك)) (١٠).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أنا أكثر الأنبياء تبعاً)) (١١) وقال: ((لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت وإن من الأنبياء نبياً ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد)) (١٢).


(١) ((تفسير البغوي)) (٣/ ١٢٠)). و ((تفسير الرازي)) (٢٠/ ٢٣) و) و ((تفسير القرطبي)) (١/ ٢٧٨) و ((تيسير الكريم الرحمن)) (٤/ ١٤٣).
(٢) ((الكشاف)) (٢/ ٣٦٤).
(٣) ((تفسير الخازن)) (٢/ ١٥٧).
(٤) رواه البخاري (٤٣٨)، ومسلم (٥٢١). من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.
(٥) رواه البخاري (٥٢٣).
(٦) رواه مسلم (٥٢٢).
(٧) ((فتح الباري)) (١/ ٤٣٩).
(٨) ((فتح الباري)) (١/ ٤٣٦).
(٩) الحديث رواه مسلم (٨٢٠).
(١٠) رواه مسلم (١٩٧). من حديث أنس رضي الله عنه.
(١١) رواه مسلم (١٩٦). من حديث أنس رضي الله عنه.
(١٢) رواه مسلم (١٩٦). من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>