للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صلى الله عليه وسلم في أبي بكر وعمر: ((هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين)) (١). وفي هذا الاستثناء الدليل على أن الأنبياء أفضل الأولين والآخرين.

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين)) (٢).

واستدل ابن تيمية رحمه الله على فضل الأنبياء على سائر الناس بحديث: ((ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر الصديق)) (٣).

أما الإجماع:

فقد قال ابن تيمية رحمه الله: (وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا بأنبياء) (٤).

وقال: (الأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين وبعدهم الصديقون, والشهداء, والصالحون) (٥). وذكر رحمه الله أن تفضيل بعض الفرق غير النبي على النبي مخالف لإجماع الأمة (٦).

أما النظر الصحيح:

فإن العقل يقضي بكون الأنبياء خير الخلق وأفضلهم، لأنهم رسل الله, والواسطة بينه وبين خلقه في تبليغهم شرعه ومراده من عباده، وشرف الرسول من شرف المرسل وشرف الرسالة، وهم المصطفون من عباد الله, اصطفاهم الله واختارهم واجتباهم ولا يختار سبحانه من الخلق إلا أكرمهم عليه وأفضلهم عنده وأكملهم لديه، قال ابن القيم رحمه الله: (ويكفي في فضلهم وشرفهم أن الله سبحانه وتعالى اختصهم بوحيه، وجعلهم أمناء على رسالته، وواسطة بينه وبين عباده، وخصهم بأنواع كراماته فمنهم من اتخذه خليلاً، ومنهم من كلمه تكليماً، ومنهم من رفعه مكاناً عليًّا على سائرهم درجات، ولم يجعل لعباده وصولاً إليه إلا من طريقهم، ولا دخولاً إلى جنته إلا خلفهم، ولم يكرم أحداً منهم بكرامة إلا على أيديهم, فهم أقرب الخلق إليه وسيلة, وأرفعهم عنده درجة, وأحبهم إليه وأكرمهم عليه، وبالجملة فخير الدنيا والآخرة إنما ناله العباد على أيديهم, وبهم عرف الله, وبهم عبد وأطيع, وبهم حصلت محابه تعالى في الأرض) (٧).


(١) رواه الترمذي (٣٦٦٥)، وابن ماجه (٩٥)، وأحمد (١/ ٨٠) (٦٠٢). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح. والحديث روي من طرق عن أنس بن مالك، وأبي جحيفة، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.
(٢) رواه البزار كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (١٠/ ١٨). من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه. والحديث صحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٩٠٥) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال الهيثمي: رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف.
(٣) رواه أحمد في ((فضائل الصحابة)) (١/ ١٥٢)، وابن أبي عاصم (٢/ ٥٧٦) (١٢٢٤)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٣/ ٣٢٥)، والخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) (١٢/ ٤٣٨)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٣٠/ ٢٠٨).
(٤) ((الفتاوى)) (١١/ ٢٢١).
(٥) ((منهاج السنة)) (٢/ ٤١٧).
(٦) ((الفتاوى)) (١١/ ٣٦٤).
(٧) ((طريق الهجرتين)) (٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>