قال: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح الباب فإذا أنا بإدريس عليه السلام فرحَّب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً [مريم:٥٧] ثم عُرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريلُ، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومَنْ معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بهارون عليه السلام، فرحَّب ودعا لي بخير، ثم عُرِجَ بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريلُ عليه السلام، وقيل: مَنْ هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا بموسى عليه السلام فرحَّب بي ودعا لي بخير، ثم عُرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسنداً ظهرهُ إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سِدْرَةِ المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا تمرها كالقلال، قال فلما غشيها مِنْ أَمر الله ما غشي تغيَّرت فما أحدٌ مِنْ خلق الله يستطيع أَنْ ينعتها مِنْ حسنها، فأَوحى الله إليَّ ما أوحى، ففرض عليَّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنَزلت إلى موسى عليه السلام فقال: ما فرض ربُّك على أُمَّتِك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربِّك فاسأَله التخفيف فإِنَّ أُمَّتك لا يطيقون ذلك فإِنِّي قد بلوتُ بني إسرائيل وخبرتهم. قال فرجعتُ إلى ربِّي فقلت: يا ربِّ خَفِّفْ عن أُمَّتي، فحَطَّ عني خمساً، فرجعتُ إلى موسى فقلت: حطَّ عنِّي خمساً، قال: إِنَّ أُمَّتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربِّك فاسأله التخفيف. قال فلم أزل أرجع بين ربِّي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى قال: يا محمد إِنَّهنَّ خمس صلوات كل يومٍ وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة، ومن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبت له حسنة، فإِنْ عملها كتبت له عشراً. ومن همَّ بسيّئةٍ فلم يعملها لم تكتب شيئاً فإن عملها كتبت سيئةً واحدة. قال فنَزلتُ حتى انتهيتُ إلى موسى عليه السلام فأخْبرتُهُ، فقال: ارجع إلى ربِّك فاسأله التخفيف، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقلت: قد رجعتُ إلى ربِّي حتى استحييتُ منه)) (١). وقال البخاري رحمه الله تعالى: باب كيف فُرِضت الصلاة في الإسراء. حدَّثنا يحيى بن بكير قال حدَّثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يحدِّث أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((فُرِجَ عن سقف بيتي وأنا بمكَّة فنَزل جبريلُ ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطسْتٍ من ذهب مُمتلئ حكمةً وإيماناً فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فخرج بي إلى السماء الدنيا. فلمَّا جاءت السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح. قال: من هذا؟ قال: جبريلُ، قال: هل معك أحدٌ؟ قال: نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أُرسل إليه؟ قال: نعم. فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجلٌ قاعد على يمينه أَسْوِدَةٌ وعلى يساره أَسوِدةٌ، إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قِبَلَ يساره بكى، فقال مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسمُ بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى، حتى عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها: افتح فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح.