للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا ما رواه ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال: (هل تدري عما كان إسلام أسيد وثعلبة ابني سعية وأسد بن عبيد نفر من هذيل لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير كانوا فوق ذلك؟ قلت: لا, قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له ابن الهيبان, فأقام عندنا, والله ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس خيراً منه, فقدم علينا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسنين, وكنا إذا قحطنا, أو قل علينا المطر نقول: يا ابن الهيبان, أخرج فاستق لنا, فيقول: لا والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة, فنقول: كم؟ فيقول: صاع من تمر, أو مدين من شعير, فنخرجه ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه, فيستقي, فوالله ما نقوم من مجلسه حتى تمر السحاب, وقد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثة, فحضرته الوفاة, فاجتمعنا إليه, فقال: يا معشر يهود, ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قالوا: أنت أعلم. قال: فإنه إنما أخرجني أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه, هذه البلاد مهاجره, فاتبعوه ولا تسبقن إليه إذا خرج يا معشر يهود, فإنه يبعث بسفك الدماء, وسبي الذراري والنساء, فمن يخالفه فلا يمنعكم ذلك منه. ثم مات, فلما كان الليلة التي فتحت فيها قريظة قال أولئك الثلاثة الفتية وكانوا شباناً أحداثاً: يا معشر يهود, والله إنه الذي ذكر لكم ابن الهيبان, فقالوا: ما هو به, قالوا: بلى والله إنه بصفته. ثم نزلوا فأسلموا, وخلوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم, فلما فتح الحصن رد ذلك عليهم) (١).

وأخرج البخاري في تاريخه والبيهقي في دلائل النبوة عن محمد بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: (سمعت أبي جبير يقول لما بعث الله نبيه وظهر أمره بمكة خرجت إلى الشام, فلما كنت ببصرى أتتني جماعة من النصارى فقالوا لي: أمن الحرم أنت؟ قلت: نعم. قالوا: تعرف هذا الذي تنبأ فيكم؟ قلت: نعم. قال: فأخذوا بيدي فأدخلوني ديراً لهم فيه تماثيل وصور, قالوا لي: أنظر هل ترى صورة هذا الذي بعث فيكم؟ فنظرت فلم أر صورته, قلت: لا أرى صورته. فأدخلوني ديراً أكبر من ذلك الدير, فيه صور أكثر مما في ذلك الدير, فقالوا لي: أنظر هل ترى صورته؟ فنظرت فإذا أنا بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصورته, وإذا أنه بصفة أبي بكر وصورته وهو آخذ بعقب رسول الله, فقالوا لي: انظر هل ترى صفته؟ قلت: نعم. قالوا: هو هذا, وأشاروا إلى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: اللهم نعم. قالوا: أتعرف هذا الذي أخذ بعقبه؟ قلت: نعم. قالوا تشهد أن هذا هو صاحبكم, وأن هذا الخليفة من بعده) (٢) .......


(١) رواه ابن إسحاق في ((سيرة ابن هشام)) (١/ ٢١٣).
(٢) رواه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (١/ ٣٨٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>