للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمل قول المسيح في هذه البشارة: إن ذلك عجيب في أعيننا. وتأمل قوله فيها: (إن ملكوت الله سيؤخذ منكم، ويدفع إلى آخر) كيف تجده مطابقاً لقوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء: ١٠٥]، وقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ [النور: ٥٥].

ونحو هذا النص ما جاء في (إنجيل متى) في الإصحاح الثامن:

(١١ وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب، ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات، وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة الخارجية، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان).

وهذه بشارة تشير إلى ظهور أمة الإسلام التي تأتي من المشارق والمغارب، وتكون مرضية عند الله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

جاء في (الفارق): (أيها المسيحي إذا أنصفت تحكم بأن هؤلاء الذين سيأتون من مشارق الأرض ومغاربها هم الأمة المحمدية، لأنكم مخاطبون حاضرون إذ ذاك، والمسيح سلام الله عليه يخبر عن قوم سيأتون في مستقبل الزمن، وقد أخرجكم بقوله: وأما بنو الملكوت) (١).

ونحو ذلك ما جاء في (إنجيل يوحنا) في الإصحاح الرابع:

(٢٠ - ٢٤ قال لها يسوع: يا امرأة صدقيني، أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون لله).

وهذا النص يشير إلى ظهور الدين الجديد، وإنّه سيتحول مركزه عن أورشليم ويشير إلى تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المعظمة، قبلة أصحاب الدين الجديد، ويصدقه قوله تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة: ١٤٤].

فقد كان المسلمون أول الأمر يتجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس، ثم نزلت الآية بوجوب توجههم إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة. - من إنجيل لوقا (٢):

ذكر صاحب كتاب (الإنجيل والصليب) أنه جاء في (إنجيل لوقا) ٢: ١٤ (الحمد لله في الأعالي، وعلى الأرض إسلام، وللناس أحمد).

ولكن المترجمين ترجموها في الإنجيل هكذا:

(الحمد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة).

ومؤلف الكتاب يرى أن الترجمة الصحيحة ما ذكره هو.

يقول المؤلف أنّ ثمة كلمتين وردتا في اللغة الأصلية لم يدرك أحد ما تحتويان عليه من المعاني تماماً، فلم تترجم هاتان الكلمتان كما يجب في الترجمة القديمة من السريانية.

هاتان الكلمتان هما:

أيريني – التي يترجمونها: السلامة.

وأيودكيا – التي يترجمونها: حسن الرضا.

فالأولى من الكلمتين اللتين هما موضوع بحثنا الآن هي (أيريني)، فقد ترجمت بكلمات (سلامة) (مسالمة) (سلام).


(١) ((الفارق)) (ص: ٥٤).
(٢) ((نبوة محمد من الشك إلى اليقين)) (ص: ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>