للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اطلعت على هذا الكتاب، وأمعنت النظر فيه، فتبين لي فيه رأي لم أجد أحداً قد تنبه إليه، تبين لي أن هذا الكتاب وإن كان له أصل فقد لعبت فيه يد مسلم، فأدخلت فيه ما ليس منه، والذي جعلني أذهب هذا المذهب ليست تلك التعليقات العربية التي وجدت على هامش النسخة الأصلية الموجودة في (فينّا)، وإنّما تلك المبالغات التي وصف بها الإنجيل الرسول صلى الله عليه وسلم، نحن نصدّق أن يبشر الإنجيل بالرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نستبعد كل البعد أن يكون قد شاع بين أهل الكتاب تلك الخرافات التي شاعت بين المسلمين بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونسبوها للرسول صلى الله عليه وسلم، فنجد في هذا الإنجيل أنّ الله أعطى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم كل شيء، وخلق من أجله كل شيء، وجعله قبل كل شيء، انظر ص (٩١، ٩٣، ١١٠)، وفي ص (١١١) يقول حاكياً كلام الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا رب اذكر أنك لما خلقتني قلت: إنّك أردت أن تخلق العالم والجنة والملائكة – والناس حبّاً فيّ ليمجدوك بي أنا عبدك). وفي ص (١٦١)، اصبر يا محمد، لأجلك أريد أن أخلق الجنّة والعالم وجمّاً غفيراً من الخلائق التي أهبها لك. .).

وفي ص (٢٦٦) (هذا هو الذي لأجله خلق الله كل شيء).

وفي ص (١٥٢) يقول: (ولذلك لما خلق الله قبل كل شيء رسوله).

هذه الأقوال بدون شكّ غير صحيحة، وهي تناقض الحقّ الذي بين أيدينا، فالله خلق البشر والملائكة والجنَّ لعبادته وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦].

وأول المخلوقات القلم كما في الحديث ((أول ما خلق الله القلم)) (١) وهذه الأقوال التي فيها غلو شاعت بين المسلمين، وصاغوها أحاديث نسبوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث ((لولاك لما خلقت الأفلاك)) (٢) (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث رقم ٢٨٢) وحديث ((كنت نبياً وآدم بين الماء والطين)) (٣) (حديث رقم ٣٠٢، ٣٠٣) وحديث: ((كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث)) (٤) (كتاب الفوائد المجموعة للشوكاني ص٣٢٦).

وحديث: ((لقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك علي ومنزلتك عندي، ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا)) (٥) (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ص٣٢٥).

وفي هذا المصدر ص٣٣٧ حديث يقول: ((خلقني الله من نوره وخلق أبا بكر من نوري)) (٦).


(١) رواه الترمذي (٢١٥٥). من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (١/ ٩٥) - كما أشار لذلك في المقدمة - وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(٢) ذكره الصغاني في ((الموضوعات)) (٥٢)، وملا على القاري في ((الأسرار المرفوعة)) (٢٨٨) وقال: قيل لا أصل له أو بأصله موضوع.
(٣) ذكره الصغاني في ((الدر الملتقط)) (٤٣)، وقال: ليس بحديث وهذا كلام عطاء بن أبي رباح. وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (٢/ ١٤٧): لا أصل له بل هو باطل.
(٤) رواه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (٤/ ٤١٧). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال: [فيه] سعد بن بشير لعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط والغالب على حديثه الاستقامة والغالب عليه الصدق، وقال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (٢/ ٢٩٨): [روي] عن قتادة ذكر لنا أن رسول الله .. وهذا أثبت وأصح.
(٥) رواه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (١/ ٢٨٨ - ٢٨٩). من حديث سلمان رضي الله عنه. وقال: هذا حديث موضوع لا شك فيه.
(٦) رواه أبو نعيم في ((الأمالي)) كما في ((ميزان الاعتدال)) للذهبي (١/ ١٦٦). قال الذهبي: خبر كذب. ثم قال: قال أبو نعيم: هذا باطل مخالف كتاب الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>