للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الذي) يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول رب لا تقم الساعة)) (١). وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد من (الصحيح). فذكر البخاري رحمه الله عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان، فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل، محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبدالله ورسوله، فيقول له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعا. قال قتادة: وروي لنا أنه يفسح له في قبره)) (٢) وذكر الحديث. وفي (الصحيحين) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين، فقال: ((إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، فدعا بجريدة رطبة، فشقها نصفين، وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)) (٣). وفي (صحيح أبي حاتم) عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قبر أحدكم، أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما المنكر، وللآخر: النكير)) (٤) وذكر الحديث إلخ. وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا تتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذا الدار، والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول. فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا، بل تعاد الروح إليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا. شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي - ٢/ ٥٧٢


(١) رواه أبو داود (٤٧٥٣)، وأحمد (٤/ ٢٨٧) (١٨٥٥٧). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٣/ ٥٠): هو في (الصحيح) وغيره باختصار رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٢) رواه البخاري (١٣٧٤)، ومسلم (٢٨٧٠).
(٣) رواه البخاري (١٣٦١)، ومسلم (٢٩٢).
(٤) رواه ابن حبان (٧/ ٣٨٦). والحديث رواه الترمذي (١٠٧١). وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (١/ ١١٥): - كما أشار لذلك في مقدمته - والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)). وقال شعيب الأرناؤوط محقق ((صحيح ابن حبان)): إسناده قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>