للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن حضور أميرهم للصلاة, وصلاته بالمسلمين وطلبه من عيسى عليه السلام عند نزوله أن يتقدم ليصلي لهم يدل على صلاح في هذا الأمير وهدى, وهي وإن لم يكن فيها التصريح بلفظ المهدي إلا أنها تدل على صفات رجل صالح يؤم المسلمين في ذلك الوقت، وقد جاءت الأحاديث في السنن والمسانيد وغيرها مفسرة لهذه الأحاديث التي في الصحيحين ودالة على أن ذلك الرجل الصالح يسمى محمد بن عبد الله ويقال له المهدي، والسنة يفسر بعضها بعضاً، ومن الأحاديث الدالة على ذلك الحديث الذي رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي)) (١) فهو دال على أن ذلك الأمير المذكور في صحيح مسلم الذي طلب من عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أن يتقدم للصلاة يقال له المهدي.

وقد أورد الشيخ صديق حسن في كتابه الإذاعة جملة كبيرة من أحاديث المهدي جعل آخرها حديث جابر المذكور عند مسلم، ثم قال عقبه: (وليس فيه ذكر المهدي ولكن لا محمل له ولأمثاله من الأحاديث إلا المهدي المنتظر كما دلت على ذلك الأخبار المتقدمة والآثار الكثيرة) (٢). أشراط الساعة ليوسف الوابل - ص ١٩٥

٤ - عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي)) (٣). وفي رواية: قال: ((لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا)) (٤). قال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز: أمر المهدي معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها، وتواترها تواتر معنوي، لكثرة طرقها، واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق، وهو محمد بن عبدالله العلوي الحسني من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل بالأمة في آخر الزمان، يخرج فيقيم العدل والحق، ويمنع الظلم والجور، وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلا وهداية وتوفيقا وإرشادا للناس. القيامة الصغرى لعمر بن سليمان الأشقر - ص ٢٠٦


(١) رواه الحارث بن أبي أسامة كما ذكره ابن القيم في (المنار المنيف) (ص: ١١٤) وقال: إسناده جيد، قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٢٢٣٦): وهو كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى، فإن رجاله كلهم ثقات.
(٢) ((عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر)) (ص ١٧٥ - ١٧٦) عبد المحسن العباد.
(٣) رواه أبو داود (٤٢٨٢) بزيادة (أو لا تنقضي)، والترمذي (٢٢٣٠) واللفظ له، وأحمد (١/ ٣٧٧) (٣٥٧٣). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ووافقه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٤) رواه أبو داود (٤٢٨٢) واللفظ له، والطبراني (١٠/ ١٣٥) بلفظ: (ليلة) بدلا من (يوم). والحديث سكت عنه أبو داود, وقال ابن القيم في ((المنار المنيف)) (١٠٨): صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>