للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يقول: بقيت وأنا أرحم الراحمين فيدخل يده في جهنم فيخرج منها ما لا يحصيه غيره كأَنَّهم حمم فيلقون على نهر يقال له نهر الحيوان فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فما يلي الشمس منها أخيضر وما يلي الظل منها أصيفر، فينبتون كنباتِ الطراثيث حتى يكونوا أمثال الذرِّ، مكتوبٌ في رقابهم: الجهنميون عتقاء الرحمن، يعرفهم أهل الجنَّةِ بذلك الكتاب ما عملوا خيراً لله قط: فيمكثون في الجنةِ ما شاء اللهُ وذلك الكتابُ في رقابهم، ثم يقولون: ربنا امح عنا هذا الكتاب، فيمحوه الله عز وجل عنهم)) (١). قال ابن كثير: هذا حديث مشهور وهو غريب جداً ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة، تفرد به إسماعيل بن رافع قاضي أهل المدينة، وقد اختلف فيه: فمنهم من وثقه ومنهم من ضعفه، ونص على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي وعمرو بن علي الفلاس، ومنهم من قال فيه وهو متروك، وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء. قال رحمه الله تعالى: قلت: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة قد أفردتها في جزء على حدة، وأما سياقه فغريب جداً ويقال إنه جمعه من أحاديث كثيرة وجعله سياقاً واحداً فأنكر عليه بسبب ذلك. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول إنه رأى للوليد بن مسلم مصنفاً قد جمعه كالشواهد لبعض مفردات هذا الحديث، فالله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى (٢).

وروى الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: ((جاءَ أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما الصُّور؟ فقال قرن ينفخ فيه)) (٣) وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كيف أنعمُ وصاحبُ الصُّور قد التقمه وأصْغى سمعه وحنى جبهته ينتظرُ متى يؤمر، فقالوا: يا رسول الله وما تأمُرُنا؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل)) (٤) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص ٩٦٩


(١) رواه الطبراني في الأحاديث الطوال (نهاية المعجم الكبير ٢٥/ ٢٢٦)، ورواه الطبري مختصراً ومطولاً (٢/ ٣٣٠ - ٣٣١، و٣٠/ ١٨٦ - ١٨٨) وفي (١٧/ ١١٠ - ١١١) وفي (٢٤/ ٣٠)، وغيرهم. قال أبو موسى المديني: الحديث وإن كان فيه نكارة وفي إسناده من تكلم فيه فعامة ما يروى مفرقًا في أسانيد ثابتة.
(٢) ((تفسير القرآن العظيم)) (٣/ ٢٧٦)
(٣) رواه أحمد (٢/ ١٦٢) (٦٥٠٧)، والحديث رواه أبو داود (٤٧٤٢)، والترمذي (٢٤٣٠)، والحاكم (٢/ ٥٥٠). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٥/ ١٦٠) - كما أشار لذلك في المقدمة.- وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (١٠/ ٩): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(٤) رواه الترمذي (٢٤٣١)، وأحمد (٣/ ٧) (١١٠٥٣) بلفظ: (صاحب القرن)، وابن حبان (٣/ ١٠٥). قال الترمذي: هذا حديث حسن. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>