للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلك الشفاعة لا تكون إلا من بعد إذن الله عز وجل، سواء في ذلك شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم وشفاعة من دونه، وذلك الإذن يتعلق بالشافع والمشفوع فيه، وبوقت الشفاعة، فليس يشفع إلا من أذن الله له في الشفاعة، وليس له أن يشفع إلا بعد أن يأذن الله له، وليس له أن يشفع إلا فيمن أذن الله تعالى له أن يشفع فيه، كما قال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ [البقرة: ٢٥٥] مَا مِنْ شَفِيعٍ إلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ [يونس: ٣] قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ. وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: ٢٣] وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى [النجم: ٢٦] قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً [الزمر: ٤٤] وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف: ٨٦] لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً [مريم: ٨٧] لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً [النبأ: ٣٨] يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً [طه: ١٠٩] وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء: ٢٨]، وقال تعالى في الكفار: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر: ٤٨] مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: ١٨]، وقال عنهم: فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [الشعراء: ١٠٠]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة: ٢٥٤]. وسيأتي في ذكر الأحاديث مراجعة الرسل الشفاعة بينهم حتى تنتهي إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وأنه يأتي فيستأذن ربه عز وجل، ثم يسجد ويحمده بمحامد يعلمه تعالى إياها، ولم يزل كذلك حتى يؤذن له ويقال: ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعط واشفع تشفع، وأنه يحد له حداً فيدخلهم الجنة ثم يرجع كذلك، وفي كل مرة يستأذن ويدعو حتى يؤذن له ويحد له حداً حتى ينجو جميع الموحدين، وهكذا كل شافع بعده يسأل الشفاعة من مالكها حتى يؤذن له، إلى أن يقول الشفعاء لم يبق إلا من حبسه القرآن وحق عليه الخلود. والمقصود أن الشفاعة ملك لله عز وجل ولا تسأل إلا منه، كما لا تكون إلا بإذنه للشافع في المشفوع حين يأذن في الشفاعة.

(لا كما يرى كل قُبُوري) نسبة إلى القبور لعبادته أهلها (على الله افترى) في ما ينسبه إلى أهل القبور ويضيفه إليهم من التصرفات التي هي ملك لله عز وجل لا يقدر عليها غيره تعالى ولا شريك له فيها، ورتبوا على ذلك صرف العبادات إلى الأموات ودعاءهم إياهم والذبح والنذر لهم دون جبار الأرض والسموات، وسؤالهم منهم قضاء الحاجات ودفع الملمات، وكشف الكربات والمكروهات معتقدين فيهم أنهم يسمعون دعاءهم ويستطيعون إجابتهم. وقد تقدم كشف عوارهم وهتك أستارهم بما يشفي ويكفي ولله الحمد والمنة. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص ١٠٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>