للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي إن شاء الله تعالى في حديث أنس رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم ((يجمع اللهُ الناس يوم القيامة فيهتمُّون لذلك – وفي لفظة فيلهمون لذلك – فيقولون لو استشفعنا إلى ربِّنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، قال فيأتون آدم)) (١) الحديث، وتقدم في حديث الصور قوله صلى الله عليه وسلم ((فتقفون موقفاً واحداً مقدارُهُ سبعون عاماً لا يُنْظَرُ إليكم ولا يُقْضى بينكم، فتبكون حتى تنقطع الدموع، ثم تدمعون دماً. وتعرقون حتى يلجمكم العرق ويبلغ الأذقان، وتقولون مَنْ يشفع لنا إلى ربِّنا فيقضي بيننا؟ فتقولون من أَحقُّ بذلك من أبيكم آدم، خلقه الله تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه وكلَّمه قبلاً. فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه، فيأتي ويقول: ما أَنا بصاحب ذلك. فيستقرئون الأنبياءَ نبيّاً نبيّاً كلما جاؤوا نبيّاً أبى عليهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فأنطلق إلى الفحص فأخرُّ ساجداً. قال أبو هريرة: يا رسولَ الله وما الفحص؟ قال قدام العرش، حتى يبعث الله إليّ ملكاً فيأخذ بعضدي ويرفعني فيقول لي: يا محمد. فأقول: نعم يا ربِّ فيقول اللهُ عزَّ وجَلَّ: ما شأنُكَ؟ وهو أعلم. فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفِّعني في خلقك فاقض بينهم. قال الله تعالى: قد شفعتك، أنا آتيكم أقضي بينكم)) (٢) الحديث.

وروى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: حدَّثني نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال ((إِنِّي لقائمٌ أنتظر أُمَّتي تعبر على الصراط، إذ جاءني عيسى عليه السلام فقال: هذه الأنبياء قد جاءَتْكَ يا محمد يسألون أو قال يجتمعون إليك – ويدعون الله أَنْ يفرق بين جميع الأمم إلى حيث يشاء الله لغمٍّ جاءهم فيه، فالخلق ملجمون بالعرق، فأَمَّا المؤمن فهو عليه كالزكمة وأما الكافر فيغشاهُ الموت، فقال: انتظر حتى أرجع إليك، فذهب نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقام تحت العرش فلقي ما لم يلق ملكٌ مصطفى، ولا نبيٌّ مرسل، فأَوْحى اللهُ عَزَّ وجَلَّ إلى جبريل أن اذهب إلى محمد وقل له: ارفع رأْسك سل تُعْطَ واشْفَعْ تُشفع)) (٣) الحديث.

وعند مسلم وغيره من حديث نزول القرآن على سبعة أحرف ((فلَك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهمَّ اغفر لأمتي، اللهمَّ اغفر لأمَّتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليَّ الخلق كلُّهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم)) (٤).

وَثَانِيًا يَشْفَعُ فِي اسْتِفْتَاحِ ... دَارِ النَّعِيمِ لأُولِي الْفَلاحِ

هَذَا وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتَانِ ... قَدْ خُصَّتَا بِهِ بِلاَ نُكْرَانِ


(١) رواه مسلم (١٩٣) (٣٢٢) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) رواه الطبراني في ((الأحاديث الطوال)) (١/ ٢٦٦) وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (١١/ ٢١٢) والمروزي في ((تعظيم قدر الصلاة)) (١/ ٢٨٣) , وابو الشيخ في ((العظمة)) (١/ ٣٩٤) واسحاق بن راهويه في ((مسنده)) (١/ ١٠): من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, قال البخاري في ((تهذيب التهذيب)) (٩/ ٥٢٤): لم يصح, وقال ابن حبان في ((تهذيب التهذيب)) (٩/ ٥٢٤): لست أعتمد على إسناده, وقال الدارقطني في ((تهذيب التهذيب)) (٩/ ٥٢٤): إسناده لا يثبت, وقال ابن كثير في ((التفسير)) (٣/ ٢٧٦): غريب جدا, وقال العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (٨/ ١٤٨): وقد رويت قصة الصور بأحاديث من غير هذا الوجه بأسانيد جياد وألفاظ مختلفة وليس بطول هذا الحديث, وقال أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٧٨٨): ظاهر النكارة.
(٣) رواه أحمد (٣/ ١٧٨) (١٢٨٤٧) قال السيوطي في ((البدور السافرة)) (١١٨): إسناده صحيح, وقال مقبل الوادعي في ((الشفاعة)) (١١٤): حسن لأن حرب بن ميمون صدوق وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٤) رواه مسلم (٨٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>