للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بوب الهيثمي لإثبات شفاعة الولدان هذه بقوله: (باب شفاعة الولدان) (١).

وقد جعل الله قبول لهذه الشفاعة من الأبناء لآبائهم تفضلاً منه؛ لزيادة أسباب ثوابهم ورفع درجاتهم، حيث عوضهم الله من فقد ثمرة أكبادهم صغاراً بقبول شفاعتهم فيهم.

فمن مات له ثلاثة من الأولاد، أو اثنان فليبشر ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له بأنه لا تمسه النار إلا تحلة القسم، وأنهم يكونون له حجاباً من النار، وأن الله يدخله الجنة بفضل رحمته إياهم.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إلا تحلة القسم)) هذه إشارة إلى القسم المقدر في قوله تعالى: وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا أي النار، بحيث لا يدخل المسلم الذي مات له ثلاثة من الولد النار إلا تحلة لقسم الله تعالى بأن كل شخص يردها.

وقد ذكر الله في كتابه الكريم أنه يجمع بين الآباء وأبنائهم إذا اختلفت درجاتهم في الجنة إكراماً للآباء لتقر أعينهم بذلك.

قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور: ٢١].

وهذه البشارة للمؤمنين تشير إلى سعة فضل الله, وكرمه, وامتنانه, ولطفه, وكمال إحسانه إليهم.

قال ابن كثير: (فإذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك) (٢). الحياة الآخرة لغالب عواجي- ١/ ٤٩٤


(١) ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٨٣).
(٢) ((تفسير ابن كثير)) (٧/ ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>