للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اثنان يكرههما ابن آدم: الموت، والموت خير للمؤمن من الفتنة، ويكره قلة المال، وقلة المال أقل للحساب)) (١).

وعن السدي قال: حدثني من سمع عليًّا يقول: لما نزلت هذه الآية: وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء [البقرة: ٢٨٤] أحزنتنا، قال: قلنا: يحدث أحدنا نفسه فيحاسب به، لا ندري ما يغفر منه وما لا يغفر، فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ [البقرة: ٢٨٦].

وعن العدل في القصاص يوم القيامة وتبادل الحسنات والسيئات يقول صلى الله عليه وسلم: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)) (٢).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يخلص المؤمنون من النار, فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار, فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا)) (٣)

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن ناساً لا يحاسبون، وهم سبعون ألفاً إكراماً لهم كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق, فنظرت فإذا سواد عظيم, فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر, فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: هذه أمتك ومنهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وما الذي تخوضون فيه؟ فأخبروه, فقال: هم الذين لا يرقون, ولا يسترقون, ولا يتطيرون, وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم، ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة)) (٤)

وفي بيان أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول ما يقضى بين الناس بالدماء)) (٥)

عن حريث بن قبيصة قال: قدمنا المدينة فقلت: اللهم يسر لي جليساً صالحاً، قال فجلست إلى أبي هريرة فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليساً صالحاً، فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله أن ينفعني به، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح, وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع, فيكمل بها ما نتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك)) (٦)

وعن أول الخلق حساباً يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نحن آخر الأمم وأول من يحاسب، يقال: أين الأمة الأمية ونبيها؟ فنحن الآخرون الأولون)) (٧). الحياة الآخرة لغالب عواجي- ٢/ ٩١٦


(١) رواه أحمد (٥/ ٤٢٧) (٢٣٦٧٤، ٢٣٦٧٥)، وأبو نعيم فى ((معرفة الصحابة)) (٥/ ٢٥٢٥)، والمنذري (٤/ ١٤٧). وقال: رواه أحمد بإسنادين، رواة أحدهما محتج بهم فى الصحيح، ومحمود له رؤية، ولم يصح له سماع فيما أرى. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٢٦٠): رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح. وقال أيضاً (٢/ ٣٢٤): رجاله رجال الصحيح، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ٣٦) كما قال ذلك في المقدمة.
(٢) رواه البخاري (٦٥٣٤). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٦٥٣٥).
(٤) رواه البخاري (٦٥٤١).
(٥) رواه البخاري (٦٥٣٣)، ومسلم (١٦٧٨). من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
(٦) رواه أبو داود (٨٦٤)، والترمذي (٤١٣)، والنسائي (١/ ٢٣٢)، وابن ماجه (١٤٢٥)، وأحمد (٢/ ٤٢٥) (٩٤٩٠). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال النووي في ((المجموع)): إسناده صحيح بمعناه. وقال ابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (١/ ٣٣٣): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٧) رواه ابن ماجه (٣٤٨٢). قال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (٢/ ٣٣٧): هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).

<<  <  ج: ص:  >  >>