للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (الصحيحين) واللفظ للبخاري، عن عبدالله بن عباس، قال: ((انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث، وفيه: فقالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك، ثم رأيناك كعكعت؟ فقال: إني رأيت الجنة، فتناولت عنقوداً، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار، فلم أر منظراً كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بم، يا رسول الله؟ قال: بكفرهن قيل: يكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله، ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت خيراً قط)) (١) وفي (صحيح مسلم) من حديث عائشة السابق أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بعد الصلاة: ((لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحكتم قليلاً)). (٢) وفي (الموطأ) و (السنن)، من حديث كعب بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنما نسمة المؤمن طيرٌ تعلق في شجر الجنة، حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة)) (٣) وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة. وفي (صحيح مسلم) و (السنن) و (المسند)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لما خلق الله الجنة والنار، أرسل جبرائيل إلى الجنة، فقال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، فرجع فقال: وعزتك، لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بالجنة، فحفت بالمكاره، فقال: ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها. قال: فنظر إليها، ثم رجع فقال: وعزتك، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد. قال: ثم أرسله إلى النار، قال: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فنظر إليها، فإذا هي يركب بعضها بعضاً، ثم رجع فقال: وعزتك، لا يدخلها أحد سمع بها، فأمر بها فحفت بالشهوات، ثم قال: اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب فنظر إليها، فرجع فقال: وعزتك، لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها)) (٤) ونظائر ذلك في السنة كثيرة وقد عقد البخاري في (صحيحه) باباً قال فيه: باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة وساق في هذا الباب أحاديث كثيرة تدل على أن الجنة مخلوقة، منها الحديث الذي ينص على أن الله يُري الميت عندما يوضع في قبره مقعده من الجنة والنار (٥)، وحديث اطلاع الرسول صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار (٦)، وحديث رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لقصر عمر بن الخطاب في الجنة (٧)، وغير ذلك من الأحاديث، وقد كان ابن حجر مصيباً عندما قال: وأصرح مما ذكره البخاري في ذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد قوي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لما خلق الله الجنة، قال لجبريل: اذهب فانظر إليها)) (٨) (٩) شرح العقيدة الصحاوية لابن أبي العز٢/ ٦١٤


(١) رواه البخاري (١٠٥٢)، ومسلم (٩٠٧).
(٢) رواه مسلم (٩٠١). والحديث رواه البخاري (٦٦٣١).
(٣) رواه النسائي (٤/ ١٠٨)، وابن ماجه (٤٢٧١)، ومالك (١/ ٢٤٠). قال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (٢/ ٦١٤)، وابن حجر في ((توالي التأسيس)) (ص٢٠٣)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٤) رواه مسلم مختصرا (٢٨٢٢)، وأبو داود (٤٧٤٤)، والترمذي (٢٥٦٠)، والنسائي (٧/ ٣)، وأحمد (٢/ ٣٣٢) (٨٣٧٩)، والحاكم (١/ ٧٩). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح.
(٥) الحديث رواه البخاري (٣٢٤٠) من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
(٦) الحديث رواه البخاري (٣٢٤١). من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
(٧) الحديث رواه البخاري (٣٢٤٢). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) رواه أبو داود (٤٧٤٤)، وأحمد (٢/ ٣٣٢) (٨٣٧٩). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن صحيح. والحديث رواه مسلم مختصرا (٢٨٢٢)، ورواه الترمذي (٢٥٦٠)، والنسائي (٧/ ٣)، والحاكم (١/ ٧٩). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(٩) انظر: ((فتح الباري)) (٦/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>