للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنن أبي داود عن ابن عمرو مرفوعاً: ((لا يركب البحر إلا حاجاً، أو معتمراً، أو غازياً في سبيل الله فإن تحت البحر ناراً، وتحت النار بحراً)) (١). وروي عن ابن عمر مرفوعاً: ((إن جهنم محيطة بالدنيا، وإن الجنة من ورائها فلذلك كان الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة)) (٢). قال الحافظ ابن رجب: (هذا حديث غريب منكر) (٣).

وقيل: إن النار في السماء. وخرج الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أتيت بالبراق فلم نزايل طرفه أنا وجبريل حتى أتيت بيت المقدس، وفتح لنا أبواب السماء، ورأيت الجنة والنار)) (٤).

وخرج عنه أيضاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ليلة أسري بي الجنة والنار في السماء فقرأت هذه الآية: وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [الذاريات: ٢٢] فكأني لم أقرأها قط)) (٥).

ولا حجة في هذا ونحوه على أن النار في السماء لجواز أن يراها في الأرض وهو في السماء, وهذا الميت يرى وهو في قبره الجنة والنار وليست الجنة في الأرض, وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم رآهما وهو في صلاة الكسوف وهو في الأرض, وفي بعض طريق حديث الإسراء عن أبي هريرة أنه مر على أرض الجنة والنار في مسيره إلى بيت المقدس (٦). ولم يدل شيء من ذلك على أن الجنة في الأرض، فحديث حذيفة إن ثبت فيه أنه رأى الجنة والنار في السماء، فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئي أي: رأيت الجنة والنار حال كوني في السماء، يعني: صدرت الرؤيا مني وأنا في السماء، ولا تعرض في الحديث للمرئي فتأمل. البحور الزاخرة في علوم الآخرة لمحمد بن أحمد السفاريني - بتصرف – ٣/ ١٣١٣

وعن عبد الله ابن سلام قال: (إن أكرم خليفة لله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم, وإن الجنة في السماء) (٧) أخرجه أبو نعيم، وعنده أيضاً عن ابن عباس ((أن الجنة في السماء السابعة)) ويجعلها الله تعالى حيث شاء يوم القيامة، ((وجهنم في الأرض السابعة)) (٨) وعن ابن مسعود رضي الله عنه: ((الجنة في السماء الرابعة, فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث شاء, والنار في الأرض السابعة فإذا كان يوم القيامة جعلها الله حيث شاء)) (٩) أخرجه ابن مندة (١٠).

وقال مجاهد: قلت لابن عباس: (أين الجنة؟ قال: فوق سبع سموات، قلت: فأين النار؟ قال: تحت سبعة أبحر مطبقة) (١١) رواه ابن منده، قال الشوكاني في فتح القدير: والأولى الحمل على ما هو الأعم من هذه الأقوال, فإن جزاء الأعمال مكتوب في السماء, والقدر, والقضاء ينزل منها, والجنة والنار فيها. انتهى.

...


(١) رواه أبو داود (٢٤٨٩). وسكت عنه، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٤/ ١٨).
(٢) رواه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (٢/ ٢٩١). قال ابن رجب في ((التخويف من النار)) (٧٦): غريب منكر، وقال ابن حجر في ((لسان الميزان)) (٢/ ٣٥٩): هذا منكر جداً محمد بن حمزة واه.
(٣) ((التخويف من النار)) (ص: ٤٨).
(٤) رواه الترمذي (٣١٤٧)، وأحمد (٥/ ٣٩٢) (٢٣٣٨٠)، وابن حبان (١/ ٢٣٣) (٤٥)، والحاكم (٢/ ٣٩١). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وحسن إسناده الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٨٧٤).
(٥) روي ذلك من قول مجاهد والضحاك وسفيان كما في ((تفسير الطبري)) (٢٦/ ٢٠٦) والعظمة لأبي الشيخ (٤/ ١٢٦١).
(٦) ((التخويف من النار)) (ص: ٤٩).
(٧) رواه أبو نعيم في ((صفة الجنة)) (١٢٦).
(٨) رواه أبو نعيم في ((صفة الجنة)) (١٢٧).
(٩) رواه أبو نعيم في ((صفة الجنة)) (١٢٩).
(١٠) ذكره ابن القيم بإسناده عنه (٤٤) و ((لوامع الأنوار البهية)) (ص: ٢٣٧).
(١١) ذكره ابن القيم بإسناده (٤٤) و ((لوامع الأنوار)) (ص: ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>