للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالموت, وبالبعث بعد الموت, ويؤمن بالقدر)) (١)

فالمراد بالحديث نفي أصل الإيمان عن من لم يؤمن بهذه الأربع: شهادة أن لا إله إلا الله, وشهادة أن محمداً رسول الله، ويؤمن بالموت: أي فناء الدنيا، أو المراد: اعتقاد أن الموت يحصل بأمر الله لا بفساد المزاج كما يقول الطبائعيون، ويؤمن بالبعث بعد الموت, ويؤمن بالقدر, وأن كل ما يجري بقدر الله تعالى وقضائه, ونفي أصل الإيمان عمن لم يؤمن بهذه الأمور يدل على وجوب الإيمان بها.

٤ - حديث طاوس قال: أدركت أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: ((كل شيء بقدر حتى العجز والكيس, أو الكيس والعجز)) (٢)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر فنزلت: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:٤٨ - ٤٩])) (٣) وهذان الحديثان يدلان على التصريح بإثبات القدر وأنه عام في كل شيء، حتى أن العاجز قد قدر عجزه, والكيس قد قدر كيسه، فكل ذلك مقدر في الأزل, معلوم لله مراد له, وهذا يدل على وجوب الإيمان بالقدر.

٥ - حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر, ولا عدل عادل, والإيمان بالأقدار)) (٤) فإذا كان الإيمان بالأقدار من أصل الإيمان فيجب الإيمان به.

٦ - وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من التكذيب بالقدر، وذلك في الحديث الذي رواه أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يدخل الجنة عاق, ولا مدمن خمر, ولا مكذب بقدر)) (٥) ولا شك أن هذه الأمور المنفي دخول الجنة بسببها متفاوتة وأعظمها التكذيب بالقدر، فالتصديق بالقدر واجب وسبب لدخول الجنة. القضاء والقدر لعبدالرحمن بن صالح المحمود - بتصرف- ص: ٤٠


(١) رواه الترمذي (٢١٤٥)، وابن ماجه (٨١)، وأحمد (١/ ٩٧) (٧٥٨)، والحاكم (١/ ٨٧). وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (١/ ١٠٠) كما قال ذلك في المقدمة، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٢/ ١١١)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه).
(٢) رواه مسلم (٢٦٥٥) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.
(٣) رواه مسلم (٢٦٥٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) رواه أبو داود (٢٥٣٢)، والبيهقي (٩/ ١٥٦) (١٨٢٦١)، وسعيد بن منصور (٢/ ١٧٦) (٢٣٦٧)، وأبو يعلى (٧/ ٢٨٧) (٤٣١١)، والديلمي (٢/ ٨٦) (٢٤٦٥). قال البيهقي في ((الاعتقاد)) (٢٢٠): له شواهد، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (١/ ٨٣) كما قال في المقدمة.
(٥) رواه أحمد (٦/ ٤٤١) (٢٧٥٢٤)، والبزار (١٠/ ٤٥)، وابن أبى عاصم (١/ ١٤١) (٣٢١)، والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) (٧/ ٢٠٣). قال البزار: إسناده حسن، وقال الهيثمي: فيه سليمان بن عتبة الدمشقي وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٣٢٠)، وحسنه الألباني في ((كتاب السنة)) (٣٢١)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (١٠٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>