للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الطبراني في (معجمه الكبير) عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أمر هذه الأمة لا يزال مقارباً حتى يتكلموا في الولدان وفي القدر)) (١). وسمى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفريق بمجوس هذه الأمة، لأن المجوس يقولون بوجود خالقين اثنين: النور والظلمة، وهذا الفريق يقولون بوجود خَالِقين، بل يزعمون أن كلَّ واحد خالق من دون الله، وقد أمر الرسول صلى الله وسلم بهجران هذا الفريق، فلا يزارون ولا يعادون، ففي الحديث الذي يرويه أحمد وأبو داود عن ابن عمر أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم)) (٢). وقد صاح الصحابة بأصحاب هذه الضلالة من كل ناحية، وأنكروا عليهم ما جاؤوا به من الضلال والباطل، ونهوا الناس عن مخالطة هؤلاء ومجالستهم، وأوردوا عليهم النصوص الفاضحة لباطلهم، المقررة للحق في باب القدر. ففي (سنن الترمذي) عن نافع أنَّ ابن عمر جاءَه رجل فقال: إنَّ فلاناً يَقرأ عليك السلام، فقال له: بلغني أنّه قد أحدث، فإن كان قد أحدث فلا تقرئه مني السلام، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون في هذه الأمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف في أهل القدر)) (٣). وفي الترمذي عن ابن عمر أيضاً يرفعه: ((يكون في أمتي خسف ومسخ وذلك في المكذبين في القدر)) (٤).

وفي (سنن الترمذي) أيضاً عن عبد الواحد بن سليم قال: قدمت مكة فلقيت عطاء بن أبي رباح فقلت له: يا أبا محمد، إن أهل البصرة يقولون: لا قدر. قال يا بني، أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فاقرأ الزخرف. قال: فقرأت: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [الزخرف: ١ - ٤]. قال: أتدري ما أم الكتاب؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه كتاب كتبه قبل أن يخلق السماوات والأرض، فيه أن فرعون من أهل النار، وفيه تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:١].


(١) رواه الطبراني (١٢/ ١٦٢)، والحاكم. من حديث ابن عباس وليس من حديث أبي أمامة رضي الله عنهم. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا نعلم له علة ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١٦٧٥): وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم رجال البخاري.
(٢) رواه أبو داود (٤٦٩١) واللفظ له، وأحمد (٢/ ١٢٥) (٦٠٧٧). والحديث سكت عنه أبو داود. وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٥/ ٤٤٥): صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): حسن.
(٣) رواه الترمذي (٢١٥٢). وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن.
(٤) رواه الترمذي (٢١٥٣). وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (١/ ١٠٢) – كما أشار لذلك في المقدمة -.

<<  <  ج: ص:  >  >>