للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن أن نفهم منه أيضاً أن تعريف المرجئة والمعتزلة أوجه من تعريف السلف، لأن المرجئة عرفوه بركنين والمعتزلة بثلاثة والسلف عرفوه -حسب فهمه- بركنين وشرط كمال، والتعريفات إنما تذكر الأركان لا الشروط ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي لسفر الحوالي - بتصرف – ١/ ٢٢١

ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح (١).

فهذه خمسة أمور اشتمل عليها مسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول القلب، وعمله، وقول اللسان، وعمله، وعمل الجوارح. والأدلة على دخول هذه الأمور في مسمى الإيمان كثيرة وفيرة وفيما يلي ذكر بعضها:

أولا: قول القلب، وهو تصديقه وإيقانه، قال الله تعالى: وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ [الزمر: ٣٣ - ٣٤] وقال تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [الأنعام: ٧٥] وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات: ١٥] وقال تعالى في المرتابين الشاكين: يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [آل عمران: ١٦٧].

وفي حديث الشفاعة ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه من الخير ما يزن شعيرة)) (٢)، وغير ذلك من الأدلة.

ثانيا: قول اللسان وهو النطق بالشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والإقرار بلوازمهما، قال الله تعالى: قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: ١٣٦]، وقال تعالى: وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ [القصص: ٥٣] وقال تعالى: وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ [الشورى: ١٥] وقال تعالى: إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف: ٨٦] وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الأحقاف: ١٣] وقال صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأني رسول الله .. )) (٣) وما في معنى هذا من النصوص.


(١) ((العقيدة الواسطية)) لابن تيمية (ص: ١٦١) بشرح الهراس.
(٢) رواه البخاري (١٣/ ٤٧٣) ومسلم (١/ ١٧٧).
(٣) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (١٣٨). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>