كما إنه يدل على تناقض من وافقهم من الفقهاء المنتسبين إلى السنة والأئمة في بعض الأحكام الظاهرة –كالقول بأن تارك الصلاة المصر على تركها حتى ضربت عنقه بالسيف إنما قتل حدا؛ إذ إن مذهب المرجئة في حكم تارك الصلاة يتفق ومفهوم الإيمان عندهم، لكن من يعتقد أن الإيمان قول وعمل – ويكون ذلك مذهب إمامه –كيف يوافقهم على إن تارك جميع العمل لا يكفر، إلا إذا انتفى منهم تصديق القلب أي كان مستحلاً أو غير مقر بالوجوب ويوافقهم على أن شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم ومهين المصحف عمداً وقاتل النبي كافر ظاهراً، ويجوز أن يكون مؤمناً في الباطن؟! (١)
وأهل السنة حين يقرون أن ترك العمل ترك لركن الإيمان الذي لا يكون إلا به، لا يعتمدون على تفلسف أو نظريات ذهنية، وإنما ينطلقون من منطلق واقعي وعلمي في غاية الوضوح؛ وهو أن هذه الحالة الرابعة لا وجود لها في واقع الجيل الأول، ولا في تصوره، وكذا لا وجود لها في الواقع النفسي المحسوس، كما لا يمكن أن تتفق مع حقيقة الإيمان الشرعية التي تشهد النصوص بأنها مركبة من القول والعمل معاً، كما لا تتفق مع النصوص الأخرى الكثيرة في حكم التولي عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وترك الامتثال لأوامره، والتخاذل عن القيام بفرائضه.
وهو كذلك مناقض لما ورد عن السلف الأخيار، والأئمة الأعلام في هذا الأمر ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي لسفر الحوالي – ٢/ ٦٣٦
(١) انظر عن هذه الأخيرة: ((الإيمان))، (ص: ٣٨٤ – ٣٨٦)، ولهذا تجد كلام أحدهم باعتباره فقيها – كما إذا كتب في الردة من المصنفات الفقهية – يغاير كلامه إذا كتب باعتباره متكلما!!