للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأدلة أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) الحديث (١) وما في معناه من الأحاديث في نفي الإيمان عمن ارتكب الكبائر وترك الواجبات كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له)) (٢) يقول ابن رجب تعليقاً على ذلك: فلولا أن ترك هذه الكبائر من مسمى الإيمان لما انتفى اسم الإيمان عن مرتكب شيء منها لأن الاسم لا ينتفي إلا بانتفاء بعض أركان المسمى أو واجباته. (٣) ويقول ابن تيمية: ثم إن نفي الإيمان عند عدمها دال على أنها واجبة فالله ورسوله لا ينفيان اسم مسمى أمر الله به ورسوله إلا إذا ترك بعض واجباته كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة إلا بأم القرآن)) (٤).

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)) (٥) (٦).

ومن الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان)) (٧) ومثله: ((حسن العهد من الإيمان)) (٨) وغيرها كثير.

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أعطى لله ومنع لله، وأحب لله وأبغض لله، وأنكح لله فقد استكمل إيمانه)) (٩).

وهذا يدل على أن هذه الأعمال جزء من مسمى الإيمان يكمل بوجودها وينقص بنقصها، ومثل ذلك جميع الآيات والأحاديث الدالة على زيادة الإيمان ونقصانه كما سيأتي (لأن الأعمال إذا كانت إيمانا كان بكمالها تكامل الإيمان، وبتناقصها تناقص الإيمان وكان المؤمنون متفاضلين في إيمانهم كما هم متفاضلون في أعمالهم، وحرم أن يقول قائل (إيماني وإيمان الملائكة والنبيين واحد) لأن الطاعات كلها إذا كانت إيماناً فمن كان أكثر طاعة كان أكثر إيماناً ومن خلط الطاعات بالمعاصي كان أنقص إيماناً ممن أخلص الطاعات) (١٠). نواقض الإيمان الاعتقادية وضوابط التكفير عند السلف لمحمد بن عبد الله بن علي الوهيبي - ١/ ٥٠


(١) رواه البخاري (٢٤٧٥)، ومسلم (٥٧). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (٣/ ١٣٥) (١٢٤٠٦)، وابن حبان (١/ ٤٢٢) (١٩٤). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. قال الذهبي في ((المهذب)): سنده قوي، وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (٧١٧٩): صحيح.
(٣) ((جامع العلوم والحكم)) (ص٢٥).
(٤) رواه البخاري (٧٥٦)، ومسلم (٣٩٤). من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
(٥) رواه أحمد (٣/ ١٣٥) (١٢٤٠٦)، وابن حبان (١/ ٤٢٢) (١٩٤). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. قال الذهبي في ((المهذب)): سنده قوي، وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (٧١٧٩): صحيح.
(٦) ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (٧/ ١٤).
(٧) رواه مسلم (٢٢٣). من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
(٨) رواه أبو عبيد (ص٢٨)، والحاكم (١/ ٦٢). من حديث عائشة رضي الله عنها. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة وليس له علة، ووافقه الذهبي في ((التلخيص))، وحسنه الألباني في ((الإيمان)) (ص٢٨)، وفي ((صحيح الجامع)) (٢٠٥٦).
(٩) رواه أبو داود (٤٦٨١). من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. ورواه الترمذي (٢٥٢١)، وأحمد (٣/ ٤٣٨) (١٥٦٥٥). من حديث معاذ الجهني رضي الله عنه. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وحسَّن الألباني كلا الطريقين في ((السلسلة الصحيحة)) (٣٨٠) ثم قال: والحديث بمجموع الطريقين صحيح.
(١٠) ((المنهاج في شعب الإيمان)) للحليمي (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>