للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: الاعتراض على ذلك بالسياسات الجائرة التي لأرباب الولايات التي قدموها على حكم الله ورسوله، وحكموا بها بين عباده، وعطلوا لها وبها شرعه وعدله وحدوده. فقال الأولون: إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل. وقال الآخرون: إذا تعارض الأثر والقياس قدمنا القياس. وقال أصحاب الذوق والكشف والوجد: إذا تعارض الذوق والوجد والكشف وظاهر الشرع قدمنا الذوق والوجد والكشف. وقال أصحاب السياسة: إذا تعارضت السياسة والشرع، قدمنا السياسة. فجعلت كل طائفة قبالة دين الله وشرعه طاغوتا يتحاكمون إليه) (١).

(وأصل هذه الاعتراضات التلقي عن غير الله ورسوله، والاستمداد من غير الوحي وتحكيم غيره، فمنهم من حكم العقل بزعمه، فنقل فلسفات الوثنيين وحثالة فكر التائهين، وهؤلاء هم أصحاب الكلام (والفلسفة).

- ومنهم من حكم الذوق والوجد والكشف وانتكس بالعقل المسلم إلى حضيض الخرافة والوهم، (وهؤلاء هم ضلال الصوفية وملاحدتهم).

- ومنهم من حكم الأقيسة العقلية والأعراف السياسية بحجة تحقيق المصلحة ومراعاة الأصول الكلية – وهم فقهاء الرأي وعلماء السلاطين من جهة، وحكام عصور الانحراف من جهة أخرى -، فأحلوا من الدماء والأموال والفروج ما ورد النص الصريح بتحريمه، وكان ذلك مع وقوعه في دائرة الاجتهاد الخطأ أو التطبيق المتعسف ممهداً لما وقعت فيه الأمة في العصر الحديث من الشرك الأكبر، والاعتراض الأطم بتحكيم القوانين الوضعية وإحلالها محل الشريعة، بل الكراهية الصريحة لكثير مما أنزل الله وبخاصة في الجهاد والحجاب والموالاة والسياسية) (٢). الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه لعبد الرزاق بن طاهر بن أحمد– ص: ٣٨٥


(١) ((مدارج السالكين)) (٣/ ٦٩ - ٧١).
(٢) ((ظاهرة الإرجاء)) للشيخ د. سفر الحوالي (ص: ٤١١) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>