(٢) رواه الترمذي (٢٦٣٩) وابن ماجه واللفظ له (٤٣٠٠) وأحمد (٢/ ٢١٣) (٦٩٩٤) والحاكم (١/ ٤٦) (٩) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما, قال الترمذي: حسن غريب, وكذا قال البغوي في ((شرح السنة)) (٧/ ٤٩٠) , وحسنه الشوكاني في ((فتح القدير)) (٢/ ٢٧٣) , وقال الألباني في ((مشكاة المصابيح)) (٥٤٩٢): إسناده صحيح. (٣) مسألة: ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه تشترط التوبة لتكفير الكبائر، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنها تغفر بالأعمال والحسنات، وإن لم تقع التوبة، قال رحمه الله وهو يتحدث عن أسباب زوال عقوبة الذنوب عن العبد: وسؤالهم على هذا الوجه أن يقولوا: الحسنات إنما تكفر الصغائر فقط، فأما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة، كما قد جاء في بعض الأحاديث: (ما اجتنبت الكبائر). فيجاب عن هذا بوجوه: أحدها: أن هذا الشرط جاء في الفرائض: كالصلوات الخمس، والجمعة، وصيام رمضان، وذلك أن الله تعالى يقول: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ *النساء: ٣١*، فالفرائض مع ترك الكبائر مقتضية لتكفير السيئات، وأما الأعمال الزائدة من التطوعات فلابد أن يكون لها ثواب آخر، فإن الله سبحانه يقول: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ *الزلزلة: ٧ - ٨*. الثاني: أنه قد جاء التصريح في كثير من الأحاديث بأن المغفرة قد تكون مع الكبائر كما في قوله: (غفر له وإن كان فر من الزحف)، وفي ((السنن)): (أتينا رسول الله في صاحب لنا قد أوجب فقال اعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار)، وفي ((الصحيحين)) في حديث أبي ذر: (وإن زنا وإن سرق). الثالث: أن قوله لأهل بدر ونحوهم: (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). إن حمل على الصغائر أو على المغفرة مع التوبة لم يكن فرق بينهم وبين غيرهم، فكما لا يجوز حمل الحديث على الكفر لما قد علم أن الكفر لا يغفر إلا بالتوبة، لا يجوز حمله على مجرد الصغائر المكفرة باجتناب الكبائر. وساق رحمه الله وجهين آخرين، وأطال النفس في ذلك، فليرجع إليه في ((مجموع الفتاوى)) (١/ ٤٨٩ - ٤٩٨).