للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الترمذي والنسائي وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا, أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر؟ فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة, وإنه لا ظلم عليك اليوم, فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله, فيقول: أحضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: فإنك لا تظلم, قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة, فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله تعالى شيء)) (١) وهي التي لا يحجبها شيء دون الله عز وجل وفيه أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من عبد قال لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت لها أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش)) (٢) , وهي الأمان من وحشة القبور وهول الحشر واعلم أن النصوص الواردة في فضل هذه الشهادة كثيرة لا يحاط بها, وفيما ذكرنا كفاية, ... ويكفيك في فضل لا إله إلا الله أخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنها أعلى جميع شعب الإيمان, كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون – أو بضع وستون- شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)) وهذا لفظ مسلم (٣) (من قالها) أي قال هذه الكلمة حال كونه (معتقدا) أي عالما ومتيقنا (معناها) الذي دلت عليه نفيا وإثباتا (وكان) مع ذلك (عاملا بمقتضاها) على وفق ما علمه منها وتيقنه فإن ثمرة العلم به (في القول) أي قول القلب واللسان (والفعل) أي عمل القلب واللسان والجوارح قال الله عز وجل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:٢ - ٣] (ومات مؤمنا) أي على ذلك, وهذا شرط لا بد منه فإنما الأعمال بالخواتيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) (٤) الحديث في الصحيحين عن أبي ذر بطوله (يبعث يوم الحشر) أي يوم الجمع (ناج) من النار (آمنا) من فزع يوم القيامة قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [الأنبياء:١٠١ - ١٠٣] وقال الله تعالى: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [النحل:٨٩] معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي - ص٥٠٩


(١) رواه الترمذي (٢٨٥٠)، وابن ماجه (٤٣٠٠)، وأحمد (٢/ ٢١٣) (٦٩٩٤)، والحاكم (١/ ٤٦، ٥٢٩). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح لم يخرج في الصحيحين وهو صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وحسنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٥/ ١٧٣) - كما أشار إلى ذلك في مقدمته -. وقال أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (١١/ ١٧٦): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٢) رواه الترمذي (٣٥٩٠) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(٣) رواه البخاري (٩)، ومسلم (٣٥).
(٤) رواه البخاري (٥٨٢٧)، ومسلم (٩٤). من حديث أبي ذر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>