للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن محمد بن الحسن بن هارون قال: (سألت أبا عبدالله عن الاستثناء في الإيمان؟ فقال: نعم الاستثناء على غير معنى شك مخافةً واحتياطاً للعمل، وقد استثنى ابن مسعود وغيره وهو مذهب الثوري، قال الله عز وجل لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ [الفتح: ٢٧]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله)) (١) وقال في البقيع: ((عليه تبعث إن شاء الله)) (٢).) (٣).

قال شيخ الإسلام موضحاً كلام الإمام أحمد هذا: (فقد بين أحمد أنه يستثني مخافة واحتياطاً للعمل، فإنه يخاف أن لا يكون قد كمل المأمور به، فيحتاط بالاستثناء وقال على غير معنى شك يعني من غير شك مما يعلمه الإنسان من نفسه، وإلا فهو يشك في تكميل العمل الذي خاف أن لا يكون كمله، فيخاف من نقصه ولا يشك في أصله) (٤).

وقال الفضل بن زياد سمعت أبا عبدالله يقول: إذا قال أني مؤمن إن شاء الله ليس هو بشاك، قيل له: إن شاء الله ليس هو شكاً؟ قال: معاذ الله أليس قد قال الله عز وجل: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ [الفتح: ٢٧] وفي علمه أنهم يدخلون، وصاحب القبر إذ قال: ((عليه تبعث إن شاء الله)) (٥) فأي شك هاهنا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)) (٦) (٧).

وقال حرب بن إسماعيل سمعت أحمد يقول في التسليم على أهل القبور أنه قال: ((وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)) (٨) قال: هذا حجة في الاستثناء في الإيمان؛ لأنه لا بدّ من لحوقهم ليس فيه شك، وقال الله عز وجل: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ [الفتح: ٢٧] وهذه حجة أيضاً لأنه لابد داخلوه (٩).

وقال أبو بكر الأثرم: (سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل سُئل عن الاستثناء في الإيمان ما تقول فيه؟ قال: أما أنا فلا أعيبه، قال أبو عبدالله: إذا كان تقول أن الإيمان قول وعمل فاستثني مخافة واحتياطاً، ليس كما يقولون على الشك، إنما يستثنى للعمل، قال الله عز وجل: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ [الفتح: ٢٧] فهذا استثناء بغير شك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله عز وجل)) (١٠) قال: هذا كله تقوية للاستثناء في الإيمان) (١١).


(١) رواه أحمد (٦/ ٦٧) (٢٤٤٣٠). والحديث رواه مسلم (٢٦٤٩). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. بلفظ: ((أخشاكم)) بدلاً من ((أتقاكم)).
(٢) جزء من حديث رواه أحمد (٦/ ١٣٩) (٢٥١٣٣). من حديث عائشة رضي الله عنها. قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ٢٧٨)، والسيوطي في ((شرح الصدور)) (١٩٣): إسناده صحيح، والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (١٩٦٨).
(٣) ((السنة)) للخلال (٣/ ٥٩٣ - ٥٩٤)
(٤) ((الفتاوى)) (٧/ ٤٥٠).
(٥) جزء من حديث رواه أحمد (٦/ ١٣٩) (٢٥١٣٣). من حديث عائشة رضي الله عنها. قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ٢٧٨)، والسيوطي في ((شرح الصدور)) (١٩٣): إسناده صحيح، والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (١٩٦٨).
(٦) جزء من حديث رواه أحمد (٢/ ٣٠٠) (٧٩٨٠). والحديث رواه مسلم في صحيحه (٦٠٧). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٧) رواه الآجري في ((الشريعة)) (ص: ١٣٢)
(٨) جزء من حديث رواه أحمد (٢/ ٣٠٠) (٧٩٨٠). والحديث رواه مسلم في صحيحه (٦٠٧). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٩) رواه الخلال في ((السنة)) (٣/ ٥٩٥).
(١٠) رواه أحمد (٦/ ٦٧) (٢٤٤٣٠). والحديث رواه مسلم (٢٦٤٩). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١١) رواه الآجري في ((الشريعة)) (ص: ١٣٧)، وذكره شيخ الإسلام في ((الفتاوى)) (٧/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>