للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث ابن المنتفق رضي الله عنه في وفادته على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قلت ثنتان أسألك عنهما: ما ينجيني من النار وما يدخلني الجنة؟ قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء ثم نكس رأسه ثم أقبل علي بوجهه قال: لئن كنت أوجزت في المسألة لقد أعظمت وأطولت فاعقل عني إذاً اعبد الله لا تشرك به شيئا وأقم الصلاة وأد الزكاة وصم رمضان وما تحب أن يفعله بك الناس فافعل بهم وما تكره أن يأتي إليك الناس فذر منه)) رواه أحمد (١) ...

ولعل ابن المنتفق هذا هو الرجل المبهم في رواية أبي أيوب المتقدمة في الصحيح فإن في مسلم ((أن ذلك الرجل أخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بزمامها وفي آخرها قول النبي صلى الله عليه وسلم: دع الناقة)) بعد أن علمه وابن المنتفق قال: ((فأخذت بخطام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: بزمامها وفي آخره قال صلى الله عليه وسلم: خل سبيل الراحلة)) وفي الرواية الأخرى ((خل سبيل الركاب)) فيشبه أن يكون هو صاحب القصة وقد حفظ الصوم والحج زيادة على ما في حديث أبي أيوب ورجاله رجال الصحيح, وهو السائل أعلم بجواب النبي صلى الله عليه وسلم وأوعى له وأحفظ له وأضبط من غيره والله أعلم.

وعن ربعي بن خراش عن رجل من بني عامر رضي الله عنه ((أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أألج فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمة: اخرجي إليه فإنه لا يحسن الاستئذان فقولي له: فليقل السلام عليكم أأدخل قال: فأذن لي أو قال: فدخلت فقلت: بم أتيتنا به قال: لم آتكم إلا بخير؛ أتيتكم أن تعبدوا الله وحده لا شريك له قال شعبة: وأحسبه قال: وحده لا شريك له وأن تَدَعُوا اللات والعزى وأن تصلوا بالليل والنهار خمس صلوات وأن تصوموا من السنة شهرا وأن تحجوا البيت وأن تأخذوا من مال أغنيائكم فتردوها على فقرائكم قال: فقال: فهل بقي من العلم شيء لا تعلمته؟ قال: قد علمني الله عز وجل خيرا وإن من العلم ما لا يعلمه إلا الله عز وجل إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان: ٣٤])) (٢) رواه أحمد ورجاله ثقات أئمة وروى أبو داود طرفا منه ...

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة يطول استقصاؤها وفيما ذكرنا كفاية. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي – ص٧٦٣


(١) رواه أحمد (٦/ ٣٨٣) (٢٧١٩٧). قال البيهقي في ((شعب الإيمان)) (٧/ ٣٥٥٦): إسناده أولى بالصحة. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ٤٨): رواه أحمد والطبراني في الكبير وفي إسناده عبد الله بن أبي عقيل اليشكري ولم أر أحدا روى عنه غير ابنه المغيرة بن عبد الله. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١٤٧٧):إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله اليشكري قال الحافظ: ليس بالمشهور.
(٢) روى أبو داود أوله (٥١٧٧)، وأحمد (٥/ ٣٦٨) واللفظ له، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (١٠٨٤). قال ابن كثير في ((تفسير القرآن العظيم)) (٦/ ٣٥٧): إسناده صحيح. قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١١٧٠): وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل العامري فإنه لم يسم ولا يضر ذلك لأنه صحابي والصحابة كلهم عدول.

<<  <  ج: ص:  >  >>