للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضي بين الناس في الدماء)) (١)

وجاء من حديث أبي هريرة قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن أتمها، وإلا نظر هل له من تطوع، فإن كان له تطوع، أكملت الفريضة من تطوعه، ثم ترفع سائر الأعمال على ذلك)) (٢)

يقول الشوكاني: - أثناء شرحه لهذا الحديث – (والحديث يدل على أن ما لحق الفرائض من النقص كملته النوافل، وأورده المصنف – يعني المجد ابن تيمية - في حجج من قال بعدم الكفر؛ لأن نقصان الفرائض أعم من أن يكون نقصاً في الذات، وهو ترك بعضها، أو في الصفة وهو عدم استيفاء أذكارها، أو أركانها وجبرانها بالنوافل، شعر بأنها مقبولة مثاب عليها، والكفر ينافي ذلك). (٣)

ويقول الشنقيطي:- (وجه الاستدلال بالحديث المذكور على عدم كفر تارك الصلاة أن نقصان الصلوات المكتوبة وإتمامها من النوافل يتناول بعمومه ترك بعضها عمداً، كما يقتضيه ظاهر عموم اللفظ كما ترى). (٤)

٥ - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر! إنه سيكون بعدي أمراء، يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها، فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك)) (٥) فهذا دليل على أن تارك الصلاة حتى يخرج وقتها غير كافر.

٦ - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه أفاق، قال: علام جلدتموني؟ إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور، ومررت، على مظلوم فلم تنصره)) (٦)

قال الطحاوي: (في هذا الحديث ما قد دل أن تارك الصلاة لم يكن بذلك كافراً؛ لأنه لو كان كافراً، لكان دعاؤه باطلاً، لقوله تعالى: وَمَا دُعَآء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ [غافر: ٥٠]) (٧)


(١) رواه النسائي (٧/ ٧٧)، والطبراني (١٠/ ١٩١)، وأبو يعلى في ((المسند)) (٩/ ٢٨٥). وقال الألباني في ((صحيح سنن النسائي)): صحيح، وشطره الثاني في الصحيحين.
(٢) رواه أبو داود (٨٦٤)، والترمذي (٤١٣)، والنسائي (١/ ٢٣٢، ٢٣٣)، وابن ماجه (١٤٢٥). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وقال النووي في ((الخلاصة)) (١/ ٥٢٩): إسناده صحيح بمعناه. وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٥/ ٢٢٩): إسناده صحيح. وقال ابن الملقن في ((تحفة المحتاج)) (١/ ٣٣٣): إسناده صحيح. وقال الألباني في ((صحيح سنن النسائي)): صحيح.
(٣) ((نيل الأوطار)) (٢/ ١٨, ١٩).
(٤) ((أضواء البيان)) (٤/ ٣١٩).
(٥) رواه مسلم (٦٤٨).
(٦) رواه الطحاوي في ((مشكل الآثار)) (٤/ ٢٣١)، وذكره المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٣/ ٢٠١). وقال: رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب ((التوبيخ)). قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٢٧٧٤): وهذا إسناد جيد ... والحديث أورده المنذري وأشار إلى تضعيفه ففاته هذا المصدر العزيز بالسند الجيد.
(٧) ((مشكل الآثار)) (٤/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>