للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففرحهم بعلومهم – علوم الطبيعة – ومهارتهم فيها هو السبب الأقوى الذي أوجب لهم تمسكهم بما معهم من الباطل، وفرحهم بها يقتضي تفضيلهم لها، ومدحهم لها وتقديمها على ما جاءت به الرسل من الهدى والعلم؛ بل لم يكفهم هذه الحال؛ حتى وصلوا إلى الاستهزاء بعلوم الرسل واستهجانها، وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون.

ولقد انخدع لهؤلاء الملحدين كثير من المشتغلين بالعلوم العصرية التي لم يصحبها دين صحيح، والعهدة في ذلك على المدارس التي لم تهتم بالتعاليم الدينية العاصمة من هذا الإلحاد.

فإن التلميذ إذا تخرج فيها ولم يمهر في العلوم الدينية، ولا تخلق بالأخلاق الشرعية، ورأى نفسه أنه يعرف ما لا يعرفه غيره؛ احتقر الدين وأهله، وسهل عليه الانقياد لهؤلاء الملحدين الماديين.

وهذا أكبر ضرر ضرب به الدين الإسلامي.

فالواجب قبل كل شيء على المسلمين نحو المدارس:

أن يكون اهتمامهم بتعليم العلوم الدينية قبل كل شيء.

أن يكون النجاح وعدمه متعلقا بها لا بغيرها؛ بل يجعل غيرها تبعاً.

وهذا من أفرض الفرائض على من يتولاها ويباشر تدبيرها؛ فليتق الله من له ولاية، أو كلام عليها، وليحتسب الأجر عند الله.

٢ - الحسد والبغي:

كحال اليهود الذين يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه وحقيقة ما جاء به كما يعرفون أبناءهم، ولكنهم يكتمون الحق وهم يعلمون؛ تقديماً للأغراض الدنيوية والمطالب السفلية على نعمة الإيمان.

وقد منع هذا الداء كثيراً من رؤساء قريش كما هو معروف من أخبارهم وسيرهم، وهذا الداء في حقيقة الأمر ناشئ عن داء آخر، وهو الكبر.

٣ - الكبر:

الذي هو أعظم الموانع من اتباع الحق، قال تعالى:

سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ [الأعراف: ١٤٦].

فالتكبر – الذي هو رد الحق واحتقار الخلق – منع خلقاً كثيراً من اتباع الحق والانقياد له بعد ما ظهرت آياته وبراهينه، قال تعالى:

وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [النمل: ١٤].

٤ - الإعراض عن الحق والإيمان:

الإعراض عن الأدلة السمعية، والأدلة العقلية الصحيحة؛ من أهم موانع الإيمان، قال الله تبارك وتعالى: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ [الزخرف: ٣٦ - ٣٧].

وقال: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك: ١٠].

فلم يكن لأمثال هؤلاء الذين اعترفوا بعدم عقلهم وسمعهم النافع رغبة في علوم الرسل، والكتب المنزلة من الله، ولا عقول صحيحة يهتدون بها إلى الصواب، وإنما لهم آراء ونظريات خاطئة يظنونها عقليات، وهي جهالات ولهم اقتداء خلف زعماء الضلال منعهم من اتباع الحق؛ حتى وردوا نار جهنم، فبئس مثوى المتكبرين.

٥ - رد الإيمان بعد معرفته:

رد الإيمان بعد ما تبين؛ فيعاقب العبد بانقلاب قلبه ورؤيته الحسن قبيحاً والقبيح حسناً، قال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف: ٥]. لأن الجزاء من جنس العمل، وقد ولاهم الله ما قالوا لأنفسهم: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللهِ [الأعراف: ٣٠].

٦ - الانغماس في الترف والإسراف في التنعم:

<<  <  ج: ص:  >  >>